يعتبر الكثير من شباب ولاية أم البواقي العاطلين عن العمل شهر رمضان المبارك بمثابة فرصة سانحة للحصول على عمل حتى وإن كانت فرص عمل مؤقتة، حيث يعتمد هؤلاء على مزاولة حرف ومهن ترتبط بشهر رمضان مثل بيع الحلويات. ويؤكد الاقتصاديون أن الأعمال الموسمية الحرة تستقطب شريحة عريضة من الأيدي العاملة حيث يتجه عدد كبير من الشباب للعمل بالمحلات التجارية في ظل الانتعاش الذي تشهده الأسواق والمراكز التجارية. سجلت الأعمال الحرة والتجارة خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في إقبال الشباب عليها وبات الكثير من الطلاب يبحثون عن العمل في محلات ومراكز تجارية متنوعة الأنشطة لاكتساب المهارات والخبرات اللازمة خلال فترة الإجازة المدرسية الصيفية، التي تزامنت هذا العام مع حلول شهر رمضان، (وحيد.ز)، شاب تخطّى الثلاثين من عمره ولم يجد فرصة عمل رغم حصوله على شهادة جامعية منذ سنوات مضت، فقرر التخصص في المهن الموسمية، وبالذات في مهن رمضان التي يحقق من خلالها دخلاً محترماً، فهو يحرص على صناعة وبيع الزلابية ومختلف الحلويات الشرقية كقلب اللوز والقطايف والمقروط والبقلاوة والتي تلقى إقبالاً منقطع النظير من مختلف شرائح المجتمع المحلي. ويعترف وحيد أن مهنته الرمضانية هذه توفر له دخلاً يغطي حاجياته المادية مدة ثلاثة إلى أربعة أشهر بعد انقضاء رمضان، ومثل وحيد شباب جزائريون كثيرون يجدون في شهر رمضان مناسبة لممارسة مهنة محدودة ومرتبطة بتوقيت زمني. وفي ظل العدد المتزايد من الشباب الباحثين عن العمل الصيفي المؤقت نتيجة العطلة الدراسية في جميع المراحل أصبح العمل الحر مجالاً رحباً و خصبًا لاستقطاب الكوادر الشابة. ويشير خبراء الاقتصاد إلى تنامي إقبال الشباب على العمل الحر في شهر رمضان مع وجود قدرة تنافسية كبيرة ومميزات للعمل في هذا الشهر ومن أهمها المداخيل المرتفعة والعائدات اليومية مما يشجع الكثيرين على خوض مضمار العمل الحر في رمضان. وتشمل مجالات العمل ”المؤقتة” في رمضان صنع وبيع المأكولات الخفيفة والحلويات الخاصة التي درجت عليها العادة في رمضان مثل الزلابية وقلب اللوز والحلويات الشرقية والمشروبات. ويقول (رشيد.ط)، وهو طالب جامعي إن عمله خلال شهر رمضان يساعده على تأمين جزء كبير من نفقاته الدراسية التي ستبدأ بعد عيد الفطر المبارك. ويقول رشيد إن شباب العمالة الموسمية استعدوا منذ وقت مبكر للعمل في شهر رمضان، حيث إنهم ابتدعوا أعمالاً تتناسب مع هذه المناسبة من بيع وشراء لمتطلبات ومستلزمات السلع الغذائية والاستهلاكية، فغالبية الساعين للاشتغال في مثل هذه الأعمال هم من طلاب المدارس والجامعات، بالإضافة إلى الشباب القادمين من القرى والأرياف. ويقول (العياشي.ح)، أحد القادمين إلى مدينة عين مليلة للعمل خلال شهر رمضان، يقول إن عمله هذه الأيام أصبح عادة لتحسين دخله المعتمد على عمله في الفلاحة. ويضيف: ”رمضان.. هو الاستثناء الوحيد الذي يجعل جميع الشباب يتهافتون على الاشتغال بجميع أنواع العمل فهو حقيقة فرصة في غاية الأهمية لجني الأموال للعيش فترة من الزمن دون تفكير في عناء الوظيفة الحكومية. ويتفق )(بلقاسم.غ)، البالغ من العمر 32 عامًا والقادم من إحدى قرى بلدية عين كرشة مع ما قاله العياشي، ويوضح أن العمل خلال شهر رمضان مربح من الناحية الاقتصادية وأضاف أن دخله اليومي يتراوح ما بين ثلاثة وخمسة آلاف دينار يوميًا وهو ما يزيد بثلاث أو أربع مرات عمّا قد يتحصله عليه في بقية أشهر السنة. بطالون يتوظفون في رمضان ببيع الزلابية وقلب اللوز والحشائش والعصائر في الجزائر عندما يهل هلال رمضان تهل معه كذلك أهلة بعض المهن الرمضانية الخالصة والمقترنة به، حيث يعتبرها الكثيرون مصدر رزق لهم خلال الشهر الفضيل، تساعدهم على مواجهة الفقر وتفشي البطالة وغلاء المعيشة اليومية. وتعتبر مهنة صناعة الزلابية والقطايف وقلب اللوز والبقلاوة والمقروط وصناعة وتحضير مختلف أنواع العصير، إضافة إلى المخللات كالطورشي والحميص، وكذلك بعض الحشائش كالدبشة(الكزبرة) والمعدنوس والكرافس والسلق والنعناع والريحان من أبرز هذه المهن، والتي تلقى رواجًا كبيرًا خلال شهر رمضان، ويتهافت عليها الصائمون بنهم منقطع النظير. ولا يكاد يخلو شارع واحد من مدن ولاية أم البواقي من بائعي هذه الأصناف الغذائية المختلفة، حيث يستولي هؤلاء على مساحات من أرصفة الطرقات لعرض بضاعاتهم على الزبائن الذين لا يدخرون جهدًا ولا دينارًا في شراء كل ما لذّ وطاب. ”الفجر” تجولت في بعض مدن ولاية أم البواقي ورصدت عددا من الحالات لشباب وأطفال وحتى نساء يزاولون مهن رمضانية للحد من البطالة ومطاردة شبح الفقر والفاقة. (العلمي.ك) من مدينة عين البيضاء، وهو طالب جامعي يقول إنه يجد فرصته الذهبية خلال الشهر الفضيل للعمل في بيع الزلابية والقطايف وقلب اللوز. هذه الحلويات التقليدية والشرقية يجيد صناعتها رفقة والده، وهي مهنة متوارثة في عائلته، حيث يستفيد من شهر رمضان لممارسة هذه المهنة الظرفية والمقتصرة فقط على شهر الصيام دون غيره والتي من خلالها يتمكّن من جني أموال معتبرة للإنفاق على نفسه وأسرته. (خليل.ج) من عين كرشة، فهو عاطل عن العمر ويبلغ من العمر 35 سنة ومختص في بيع مختلف أنواع الحشائش كالدبشة والمعدنوس والكرافس والسلق والنعناع والريحان وغيرها والتي تلقى رواجًا كبيرًا من طرف الزبائن خلال شهر رمضان، حيث لا يستغني الكثيرون عن هذه الحشائش الطبيعية والصحية التي تُضفي على الأطباق والمأكولات الرمضانية نكهة مميزة وخاصة. خليل يعمد إلى بيع هذه الحشائش من أجل جمع مبلغ من المال يساعده في إعالة أسرته الكبيرة وتوفير احتياجاتها خلال شهر رمضان. (سليم.ص) من عين مليلة، مختص في بيع المخللات الشهية بأنواعها من مختلف أنواع الزيتون والطورشي والهريسة والحميص، حيث يتخذ من حيز بإحدى الشوارع على قارعة الطريق مكانًا له لعرض منتجاته، ويستطيع المار من أمامه أو جانبه أن يشتم روائح الزيتون والطورشي ومخللات بعض الخضر، وتشهد سلعته إقبالاً كبيرًا، خاصة وأن هذه المقبّلات تعتبر من أساسيات الموائد الرمضانية. ويقول سليم إن مزاولته لمهنة بيع المخللات يهدف من ورائه إلى جني بعض الأموال التي تساعده في توفير مصاريف شهر رمضان ومن بعده عيد الفطر والدخول المدرسي، فهو طالب ثانوي ووالده من ذوي الدخل المحدود وبالتالي لا يستطيع توفير جميع المتطلبات في ظل غلاء المعيشة. انتعاش ملحوظ لكنه ظرفي فقط القطاع التجاري في الجزائر يؤكد أن الأسواق المحلية بمختلف تخصصاتها تشهد انتعاشًا قياسيًا خلال شهر رمضان يعادل 30٪ من الحركة التجارية على مدى العام، وهو ما يستدعي الاستعانة بعمالة إضافية. ووفقا ل(سليمان.س)، وهو تاجر من أم البواقي، فإن كثيراً من المحلات التجارية والمراكز التجارية المتخصصة تستوعب أعداداً كبيرة من العمالة خلال شهر رمضان المبارك. ويضيف أن هناك كثيراً من الأعمال التجارية هذه الأيام موسمية وترتبط بشهر رمضان المبارك. المهن الرمضانية..بطالة مقنعة ويؤكد خبراء الاقتصاد أن الشباب الذي يزاول المهن الرمضانية يدخل في صنف البطالة ”المقنعة”، ولا يعد من ”النشيطين العاملين” كون هذه الفئة تنتمي إلى القطاعات غير المُهَيكلة، كما أنها لا تؤثر إيجاباً في ممارسيها باعتبار أن مداخيلها ضعيفة، وحتى لو كانت مرتفعة خلال شهر رمضان، لكن بتوزيعها على باقي شهور السنة، يكون العائد ضئيلاً لا يكفي لسد حاجيات المعيشة اليومية.