كشفت صحيفة ”لوموند ديبلوماتيك” الشهرية الفرنسية عن وجود محطة تجسس إسرائيلية في صحراء النقب (جنوب إسرائيل) للتنصت على المنطقة، هي الأكبر والأضخم في العالم وذكرت الصحيفة في عددها لشهر أيلول (سبتمبر) الحالي في تقرير كتبه الصحافي النيوزلندي نيكي هاجر، أن مهمة هذه المحطة التجسسية تتمثل في اعتراض المكالمات الهاتفية والرسائل والبيانات الإلكترونية، التي يتم إرسالها عبر الأقمار الصناعية وكابلات الاتصالات البحرية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط. يشار في هذا السياق إلى أن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية تعتمد على مصدرين أساسيين لجمع المعلومات الاستخبارية اللازمة لحربها ضد حركات المقاومة الفلسطينية والعربية، وهما المصادر البشرية، القائمة على تجنيد العملاء، سواء كانوا عملاء غير مرتبطين بتنظيمات محددة، أو عملاء تستطيع زرعهم داخل هذه التنظيمات. والمصادر الإلكترونية، والقائمة على الاستعانة بأحدث ما توصلت إليه التقنيات المتقدمة، المعروفة باسم الهايتك، وبالتالي فكما أنّه توجد أقسام داخل المؤسسات الاستخبارية الأساسية في الدولة العبرية تعنى بشكل خاص بتجنيد العملاء، فإن هناك أقساما تعنى بالتجسس الالكتروني. ونقلت صحيفة ”هآرتس” العبرية، المقاطع الرئيسية من التقرير في الصحيفة الفرنسية، التي كشفت النقاب عن أن القاعدة السرية تقع بالقرب من القرية التعاونية (كيبوتس) أوريم، وهي تعتبر إسرائيليا أهم قاعدة تنصت في المخابرات الإسرائيلية، وهي تابعة لوحدة التجسس 8200 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان). وأوضح التقرير أن أكثر من 30 هوائية من أحجام مختلفة منصوبة في القاعدة الإسرائيلية، بالإضافة إلى صحون فضائية هدفها التنصت على مكالمات هاتفية للحكومات والمنظمات الدولية، وشركات أجنبية، وتنظيمات سياسية، بالإضافة للأفراد، كما أن الوحدة، تعمل على اقتحام البريد الالكتروني للحكومات والتنظيمات. مضافا إلى ذلك، فإن الوحدة تعمل على التنصت على تحركات السفن في البحر الأبيض المتوسط على جميع أنواعها وتلتقط الإرسال منها واليها، علاوة على ذلك، يقول التقرير الفرنسي أن الوحدة تتنصت على الكوابل الموجودة في أعماق البحر، وهذه الكوابل التي تربط الدولة العبرية مع أوروبا، مثل شبكات الهواتف. وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن السلطات الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية كثفت خلال السنوات القليلة الماضية من بناء العديد من محطات التنصت مستفيدة من التطورات التكنولوجية في مجال الاتصالات، حيث انتشرت في أماكن إسرائيلية متعددة الهوائيات الكبيرة والقوية القادرة على التقاط الاتصالات من مسافة تبعد مئات الكيلومترات. وذكر التقرير أن الإنجاز المعروف لهذه الوحدة هو اعتراض الاتصال الهاتفي بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والملك الأردني الراحل حسين خلال اليوم الأول من حرب جوان 1967، واعتراض الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبين المجموعة التي اختطفت السفينة أكيلي لاورو في العام 1985. جدير بالذكر أن الجنرال المتقاعد أوري ساغي، الرئيس السابق لامان اعترف بوجود مثل هذه الوحدة، التي اعتبرها من أهم الوحدات الاستخبارية في الدولة العبرية، وقال إن أهداف الوحدة المذكورة هي المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء. وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من صور العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش، ويتطلب هذا النوع من المهام مجالا واسعا من وسائل التقنية المتقدمة، وبالتالي فإن مجمع الصناعات العسكرية الإسرائيلية (رفائيل) الذي تملكه الحكومة يقوم خصيصا بتطوير أجهزة إلكترونية بناء على طلبات خاصة من القائمين على وحدة 8200، التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد. وتستخدم المادة التي يتم التنصت عليها في بناء ملف أمني لرصد مكالمات قادة المقاومة، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يتم استخدام رصد هذه المكالمات في إحباط عمليات تخطط لها حركات المقاومة.