استمتعت فنلندا قبل شهرين بالسباق الدولي الثالث لحمل الزوجات. ويقال إنها رياضة عميقة الجذور، بل إنها تعتبر من الفولكلور التقليدي في منطقة معينة من البلاد الفنلندية لا يمكن أن تتخلى عنه النساء. وقد كانت تلك المسابقات تجرى في أيام المناسبات المحلية بطريقة تلقائية، غير أنهم في السنوات الأخيرة وضعوا لها الشروط والأنظمة، ورصدوا لها الكؤوس والميداليات والجوائز. وفي هذا العام فتح المجال أمام الأجانب من جميع دول العالم للاشتراك في هذه الرياضة اللطيفة. لتوضيح الصورة الجميلة والخفيفة على الظهر للقارئ الكريم عن هذه الرياضة، نقول: إن الرجل يحمل زوجته لمسافة 300 متر تقريبا في مضمار من الرمال والحشائش والأسفلت ويعبر بركة من الماء شديد البرودة وحواجز من الخشب. وفي العادة يحمل الزوج زوجته العزيزة على ظهره، غير أن ما أثار دهشة الجماهير التي قدرت بالآلاف، والتي احتشدت للتشجيع والتصفيق والتصفير.. أقول: إن ما أثار دهشتها هو الطريقة المبتكرة التي حمل فيها المتسابق - الفائز الأول – زوجته؛ إذ حملها وهي متدلية على ظهره - أي أن رأسها كان إلى أسفل، وساقيها ملفوفتان على صدره. والمفارقة اللافتة للنظر أن هناك نساء كثيرات سقطن من أزواجهن، (وهذا أمر متوقع)؛ إذ أن الرياضة بحد ذاتها ليست سهلة. غير أن المفارقة تكمن في أن أغلبهن سقط بهن أو أسقطهن أزواجهن، في بركة الماء البارد، وكادت تغرق واحدة، وشج رأسا اثنتين منهن، ودق عنق الرابعة ومازالت في غرفة الإنعاش والجبس ملفوف على رقبتها الغليظة. وقد جرى تحقيق في الموضوع، وأجاب فيه الزوج على الجميع وهو يبتسم: إنه قضاء وقدر (!!). وحاول الخيال الشيطاني أن يسرح بي فيما لو طبقت هذه الرياضة في منطقتنا، غير أنني حمدت الله على أنه لا ديننا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا ولا شيمنا ترضى بذلك. وظهورنا وأكتافنا ما انتصبت إلا لحمل المسؤوليات الخطيرة، وليس لحمل الزوجات حتى وإن كن من وزن الريشة أو الذبابة. أما من كن من الأوزان التي لا تخطئها العين وتغوص فيها، فلو أردن منا أن نحملهن فليس لدينا لهن إلا ما صنع الحداد.. وهل شاهد أحد من القراء الكرام في التلفزيون كيف يقطعون بالسكاكين والسواطير الحيتان النافقة على الشواطئ؟ هكذا نفعل إذا ما أجبرنا على تحمل ما لا طاقة لنا به. مشعل السديري