مع أن أنظار المتتبعتين والمحللين منصبّة على قطاع "البنى التحتية" للبرنامج الخماسي للاستثمار العمومي، يجب التذكير بأن القطاع الفلاحي يحتل مكانة في هذا المجهود المالي للدولة. نعلم أن القطاع الفلاحي يستفيد منذ 2001 من مخصصات مالية معتبرة من طرف الدولة، هناك المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، الذي أعاد تنظيم مخطط إعادة شغل الاراضي، وأعاد توجيه المخطط العام للمزروعات نحو تخصصات الأكثر مردودية والتي تدر دخلا أفضل للفلاحين. كما أن العتاد الفلاحي والتجهيزات الضرورية، أصبحت متوفرة من خلال أنظمة مناسبة في مجال التمويل والدعم، كما تم توجيه دعم مقبول للفلاحين الذي يعمل على تنمية زراعة الحبوب وإنتاج الحليب والبقول الجافة، والمزروعات الموجهة لتغذية الأنعام والإنتاج الحيواني، ولكن فقط عندما يتم تنمية هذه الزراعات في مناطق تتوفر على إمكانات زراعية لتحقيق مردودية معتبرة، ووفق بطاقة فلاحية يتم تحضيرها من طرف المصالح الفلاحية التابعة للدولة. وعليه، فإن الأمر تعلق بتوجيه الفلاحين نحو طريقة جديدة لشغل الأرض ونحو بطاقة فلاحية وطنية. لقد رصدت الدولة لهذا المخطط غلافا ماليا بأزيد من 7 مليار دولار في الفترة بين 2001 و2009، كما خصصت في إطار برنامج الاستثمار العمومي 2010 2014، 300 مليار دج (ما يعادل 4 مليار دولار) لمواصلة جهود الدولة تجاه لقطاع الزراعي. لقد تم الاهتمام بشقين في الملف الزراعي في إطار الخماسي القادم 2010 2014: التجديد الزراعي: الذي يعني النشاطات الفلاحية المباشرة: دعم إنتاج الحبوب، البقول الجافة، الحليب، القروض الفلاحية الميسرة، مسح ديون الفلاحين، ويتعلق الأمر إذن بمتابعة الجهد المسجل في إطار المخطط الوطني للتنمية الفلاحية. ويتعلق الشق الثاني من البرنامج: التجديد الريفي: وهو الشق الذي انطلق سنة 2008، يهدف إلى تطوير المناطق الريفية والهضاب، التي بقيت مشتتة ومعزولة وأغلبها عبارة عن مساحات بدون سند ملكية، ومساحات عادة ما تكون في شكل منحدرات، مع عجز في البنى التحتية والتجهيزات العمومية مثل المصحات والمدارس ومراكز التسلية، ومنشآت المياه والكهرباء ("لا ديبيش دوكابيلي" 7 أوت 2010). كما أن أغلب هذه المناطق تضررت كثيرا من مرحلة الارهاب بين 1993 و2002، التي سرّعت من ظاهرة النزوح الريفي الإجباري لعدة آلاف من سكان تلك المناطق نحو المراكز الحضرية. لقد تضررت كثيرا تلك الفضاءات الريفية التي عرفت اشتداد ظاهرة الفقر والنزوح الريفي. برنامج عمل وزارة الفلاحية والتنمية الريفية لوقف ظاهرة تدهور تلك الفضاءات ومكافحة الفقر المنتشر في تلك المناطق، وضع مخطط دعم للتجديد الريفي، هذا المخطط الذي وضعته الوزارة الوصية وقامت بتقديمه أمام الولاة سنة 2006، قبل أن يصبح نهاية 2008 برنامج "التجديد الريفي". ويتمثل هذا البرنامج من مجموع مشاريع جوارية للتنمية الريفية المذمجة، متكونة من سلسلة من العمليات المدمجة التي تهدف إلى تطوير شروط حياة سكان الريف، عن طريق إعادة تهيئة الأرياف والقصور في الصحراء، وتنويع النشاطات الاقتصادية في الأوساط الريفية، وحماية وتثمين الموارد الطبيعية والتراث الريفي المادي وغير المادي. وصنفت وزارة الفلاحة هذه البرامج المصغرة والمندمجة بالبرامج الحقيقية الهادفة إلى تطوير الفضاء الريفي وتطوير إطار حياة السكان المحليين، كما أنه مخطط حقيقي لمكافحة الفقر. خلال سنة 2009، تم إطلاق 1518 برنامج في هذا السياق على مستوى 944 بلدية. كما تم بناء 3000 وحدة سكنية ريفية خلال نفس السنة. هذه البرامج شملت حوالي مليون ساكن، استفادوا من المياه الشروب، وتهيئة قاعات العلاج وكذا من الكهرباء. كما تم إنجاز 10000 وحدة تربية لصالح 5823 عائلة، خلال نفس السنة. البرامج الجوارية للتنمية الريفية المدمجة تم الإشراف عليها من طرف محافظة الغابات على المستوى المحلي. ويوجد في هذا البرنامج رغبة في استعادة السيطرة على مراقبة الثروة الغابية وحمايتها عن طريق تثبيت المواطنين حول نشاطات هادفة لحماية الفضاء الغابي الوطني والذي يسمح بالاستغلال والتسيير العقلاني لهذه الثروة المحلية، مع ضمان تطوير الإطار المعيشي للسكان المحليين، وهي العمليات التي استفاد منها حوالي ملين شخص، والممولة بسلسلة من الصناديق الخاصة التي أنشئت لهذه العملية: صندوق التنمية الريفية، صندوق تنمية المناطق السهبية، وصندوق الصناعات التقليدية، إلخ... البرنامج الخماسي القادم، يعني إذن على غرار الشرائح الأخرى من الجزائريين، 13 مليون ساكن في الجبال والمناطق الريفية والفلاحين على وجه الخصوص وكذلك الشبيبة الريفية، والمتخصصين في الصناعات التقليدية ومختلف الحرف، مناصب الشغل وبناء مساكن ريفية وإعادة تنظيم مخططات شغل الأراضي، والتخصص في الزراعات، وتطوير عمليات تمويل النشاطات الفلاحية، وهي جهود حقيقية من الدولة وخاصة مع وجود التمويل، ولا ينقص سوى إنجاح جميع العمليات ميدانيا وضمان المتابعة الجيدة للبرامج المختلفة.