تجاهلت أكبر تشكيلتين سياسيتين في البلاد، ممثلتين في حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، اللتين تشكلان العمود الفقري للتحالف الرئاسي الذي أساسه تطبيق برنامج رئيس الجمهورية، الاحتجاجات والغضب الجماهيري الذي اجتاح عدة مناطق خلال الأسبوع الجاري موازاة مع عمليات الترحيل التي انطلقت في إطار القضاء على المساكن الهشة والقصديرية وفق برنامج الرئيس بوتفليقة. رفض، أمس، حزب جبهة التحرير الوطني، ممثلا في ناطقه الرسمي، الرد أو التعليق في اتصال مع “الفجر” على الاحتجاجات التي ميزت عدة مناطق من الوطن خاصة بالعاصمة، خلال الأسبوع الجاري، والتي تزامنت مع الأرقام والإحصائيات الايجابية من الديوان الوطني للإحصاء، حول الفقر والقدرة الشرائية، وبرر المتحدث رفضه بأن الحديث في هذا المجال يحتاج الى تعمق وأخذ ورد. بدوره رفض الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي، ميلود شرفي، التعليق أو تقديم القوة السياسية الثانية في البلاد، قراءة للأحداث التي شهدتها العاصمة ومدن أخرى تزامنا مع عمليات الترحيل، بحجة عدم توفر الحزب على معطيات دقيقة بشأن الأحداث. وفي السياق، قالت حركة مجتمع السلم، إن الاحتجاجات التي تعيشها بعض المناطق من البلاد، وخصوصا بالعاصمة، ناجمة عن تراكم مطالب اجتماعية كانت مغفلة خلال الأزمة الأمنية، ظهرت للعلن الآن بعد أن عاد الأمن والاستقرار للبلاد. وأوضح الناطق الرسمي باسم حركة حمس، محمد جمعة، في تصريح ل “الفجر”، بأن خروج المواطن إلى الشارع، ولو أنه أمر غير مشروع كما نرفض اللجوء للعنف للتعبير عن الانشغالات أو رفع المطالب لأن هناك طرقا قانونية متحضرة للقيام بذلك، إلا أن “المطالب المرفوعة تعتبر مشروعة”، حيث دعا السلطات العمومية إلى التعاطي مع انشغالات المواطنين بإيجابية والتكفل بالمطالب المرفوعة، خاصة الاجتماعية منها، وهو ما أقرت به أحزاب التحالف الرئاسي في بيان لها، وفق تعبير المتحدث، مشيرا إلى نقطة هامة، حين طالب بالتكفل باهتمامات المواطنين الذين لم يخرجوا إلى الشارع ولم يستعملوا العنف لرفع مطالبهم، “وهذا حتى لا يسود انطباع خاطئ لدى المواطن، بأن الحصول على المطالب لا يتأتى إلا بالعنف وقطع الطريق”. وشككت حركة مجتمع السلم، على لسان الناطق الرسمي، في الأرقام التي قدمها الديوان الوطني للإحصاء حول الفقر والبطالة والتضخم أمام اللجنة البرلمانية الاقتصادية للتخطيط، وأشارت إلى أن الأرقام في الجزائر كانت دوما محل تعارض وتناقض بين هيئات الدولة، وأوضحت بأنه “حتى لو تحسن الوضع عما كان عليه سابقا، إلا أن العديد من المطالب لم تلب وهو ما تقره أرقام الديوان نفسها”. من جهتها، اعتبرت حركة النهضة اتساع موجة الاحتجاجات وغلق الطرقات والحرق والتكسير ترجمة لفشل السياسة الاجتماعية للحكومة، وقال النائب في البرلمان عن الحركة، محمد حديبي، في اتصال مع “الفجر”، إنه “لا تفسير لخروج الشباب إلى الشارع من أجل المطالبة بحقوقه وإبحارهم من أجل الحرقة، إلا أن حالة اليأس أضحت مسيطرة على المواطنين والشباب، جراء فشل سياسة الحكومة في تحسين الجبهة الاجتماعية”. واعتبرت الحركة أرقام الديوان الوطني للإحصاء حول البطالة والتضخم، “أمرا مبالغا فيه، ويحمل خطابا وصبغة سياسية يراد منها طمأنة جهات معينة”، وأضاف حديبي، بأن “ الديوان الوطني للإحصاء يبقى هيئة غير مستقلة، ما يجعل الأرقام المقدمة يشوبها الريبة والغموض وتنقصها المصداقية”، على حد تعبيره، موضحا بأنه إذا كانت نسبة البطالة في الجزائر 10 بالمائة، كما ذكر مسؤولو الديوان، “ فالجزائر مدعوة لتقديم خبرتها في مجال مكافحة البطالة لدول العالم بما فيها الدول الغربية”.