تواصل الإقبال أمس على مراكز الاقتراع في جنوب السودان للمشاركة في الاستفتاء وسط أجواء حماسية مؤيدة بقوة للانفصال. وكان الجنوب السوداني شهد حربا أهلية أولى مع الشمال من 1955 حتى 1972، وثانية من 1983 حتى 2005 وأوقعت هاتان الحربان نحو مليوني قتيل ونصف مليون في حين وصل عدد المهجرين الى نحو أربعة ملايين شخص. ويبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء ثلاثة ملايين و930 الفا في السودان والشتات بينهم ثلاثة ملايين و754 الفا في الجنوب السوداني. ولابد من مشاركة 60% على الاقل من المسجلين في الاستفتاء لكي تعتمد نتيجته. وبحسب اتفاقية السلام الموقعة في 2005 فان الفترة الممتدة بين الاستفتاء وجويلية 2011 ستكون مرحلة انتقالية تمهد للانتقال الى الانفصال في حال جاءت نتيجة الاستفتاء في هذا الاتجاه. وتتواصل أعمال الاستفتاء طيلة اسبوع بسبب وعورة مناطق الجنوب السوداني وافتقارها الى الحد الادنى من المواصلات. إلا أن زعيم حكومة الجنوب، سلفا كير، دعا بعد إدلائه بصوته صباح الاحد الجنوبيين الى التحلي بالصبر والادلاء بأصواتهم منذ الايام الاولى للاستفتاء. ومن غير المتوقع صدور النتائج الاولية للاستفتاء قبل نهاية الشهر الحالي، على أن تصدر النتائج النهائية في منتصف فبراير المقبل. وأدت حوادث أمنية وقعت في نهاية الاسبوع الماضي الى عرقلة عمليات الاستفتاء في بعض مناطق ولاية الوحدة المجاورة للخط الفاصل بين الشمال والجنوب. كما وقعت مواجهات دامية في منطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والتي تحتوي على موارد نفطية. إلا أن هذه المنطقة غير معنية حاليا بهذا الاستفتاء وكان من المفترض إجراء استفتاء خاص بها لمعرفة توجهات سكانها وما إذا كانوا يريدون الانضمام الى الشمال أو الجنوب في الوقت نفسه مع الاستفتاء الحالي. إلا أن الخلافات حول تحديد الذين يحق لهم التصويت في ابيي أدى الى إرجاء هذا الاستفتاء الى أجل غير مسمى. وأفاد زعماء قبائل لوكالة فرانس برس الاثنين أن المعارك القبلية المندلعة منذ الجمعة في منطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب أوقعت حتى الآن ما لا يقل عن 33 قتيلا. وتدور مواجهات دامية منذ الجمعة بين قبائل الدنكا نقوك الجنوبية وقبائل المسيرية العربية من البدو الرحل في منطقة تعرف باسم بحر العرب او نهر كير داخل منطقة ابيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وقال المسؤول الجنوبي رئيس ادارية ابيي دنق اروب كوول لفرانس قرس "هاجمونا ثلاث مرات حتى الان ونتوقع التعرض لهجمات اخرى اليوم". ومن جهة أخرى أعلن والي ولاية جنوب كردفان السودانية، أحمد هارون، عن سلسلة اجتماعات على المستوى الحكومي والأهلي بغرض احتواء الإشكالات التي أدت للاشتباكات التي وقعت بمنطقة أبيي أمس وراح ضحيتها 24 شخصا. وأكد هارون في تصريح له عقب اجتماع بالمنطقة أن اجتماعا للإدارة الأهلية سينعقد في 12 من الشهر الجاري، إضافة لاجتماع آخر يضم وزير الداخلية الاتحادي ووزير داخلية حكومة جنوب السودان ورئيس إدارة منطقة أبيي ووالي ولاية جنوب كردفان، فضلا عن ممثلين لمجلس الدفاع المشترك. من جهته، أوضح رئيس إدارة منطقة أبيي عن الحركة الشعبية لتحرير السودان دينق أروب أن الاجتماع الحكومي سيناقش شرطة أبيي، أما الإدارة الأهلية فستبحث حركة الرحل والأسباب التي أدت للاحتكاكات الأخيرة. وكانت مصادر إعلامية أفادت أمس أن 24 شخصا قتلوا وأصيب العشرات في اشتباك مسلح في بلدة ماكير بمنطقة أبيي بين عدد من أبناء قبيلة المسيرية وقبيلة الدينكا نقوك.