صدر حديثاً، عن دار ميم للنشر، دراسة في الأدب بعنوان ”أسطورة العالم الآخر في الشعر العربي الحديث والمعاصر”، للدكتورة مديحة عتيق. تقع هذه الدراسة في حوالي 280 صفحة من الحجم العادي، حاولت من خلالها الباحثة أن تقف على مصادر الشاعر العربي في استلهام كتاباته. سلطت الدراسة الضوء على بعض المظاهر أسطورة العالم الآخر في الشعر العربي الحديث والمعاصر، وأن تتعرف إلى أيّ مدى استطاع الشاعر العربي أن يستوعب أبعاد هذه الأسطورة، وأن يحمّلها أسئلته الذاتية، والقومية، والإنسانية. كما حاولت هذه الدراسة أن تقف على مصادر الشاعر العربي في استلهام هذه الأسطورة ومدى توفيقه في استثمار هذه الأسطورة فنيا وموضوعاتيا، حيث قسمت الباحثة دراستها إلى مدخل وأربعة فصول وخاتمة. وفي المدخل عرضت الباحثة تصورات عامة عن أسطورة العالم الآخر في الميثولوجيا المصرية والإغريقية والبابلية والهندية، كما عرضت رؤية الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي لهذا الموضوع، ثم أتت على رأي بعض المفكرين والفلاسفة. في الفصل الأول درست الباحثة حضور أسطورة العالم الآخر في الآداب العالمية والعربية مركزة على ثوابت الأسطورة ومتغيراتها. في الفصل الثاني بدأت الباحثة في دراستها التطبيقية حيث تتبعت حضور أسطورة الجحيم في الشعر العربي الحديث والمعاصر من خلال جحيم الفكر، جحيم الأنثى، جحيم المدينة وثنائية الموت والانبعاث. أما في الفصلين الثالث والرابع تتبعت الباحثة حضور الفردوس المفقود والفردوس الموعود في الشعر العربي الحديث والمعاصر. وفي كل مرحلة من البحث كانت الباحثة تربط النص الشعري بسياقه التاريخي وتوضح خصوصياته الجمالية ومكانته في حقل الأدب الأخروي. على ظهر الكتاب فقرة من النص جاء فيها: ”يتجلى العالم الآخر في معظم الأساطير القديمة في شكل ثنائي تناقضي، طرفاه الفردوس والجحيم، والفردوس هو فضاء افترضت الأساطير أنه وجد في مكان ما حيث السعادة المطلقة والفرح المستمر. إنها مكان يخلو من الثالوث الرهيب؛ المرض، والشيخوخة، والموت. وقد سماه السومريون -دلمون- وهي - مكان طاهر، مكان مضيء، في أرض دلمون لا تنعق الغربان، ولا الأسد يفترس أحدا، ولا الذئب ينقض على الحمل، ولا الكلب المتوحش على الجدي، ولا الخنزير البري يلتهم الزرع، في أرض دلمون لا أحد يعرف رمد العين ولا آلام الرأس، ولا يشتكي الرجل من الشيخوخة، ولا المرأة من العجز-، فالجنة السومرية هي أرض الدعة، والأمن، والكمال، فلا ألم، ولا تعب، ولا عجز، ولا قصور، ولا خوف، ولا ضجر”.