أبقى تقرير واقع الحريات والديمقراطيات في العالم ل 2010 لمنظمة “فريدوم هاوس” الأمريكية، على الجزائر سنة أخرى في تصنيف الدول “غير الحرة”، وهو تصنيف تدرج فيه الجزائر لأكثر من خمس سنوات، ولا يعترف التقرير للجزائر سوى بإيجابية الجهود الكبيرة في مكافحة الإرهاب، غير أن حالة الطوارئ ومنع اعتماد بعض الحركات السياسية وانتشار الفساد في مؤسسات حساسة للدولة، رجح كفة السلبيات وأبقى الجزائر في نفس الترتيب في تقرير حذر من تراجع الحريات والديمقراطيات في العالم بشكل كبير. حسب التقرير الصادر أمس، فإن تراجع الحريات والديمقراطية ليس مقتصرا على الجزائر فحسب، وإنما أغلب دول العالم عرفت تراجعا في الحقوق السياسية والمدنية خلال السنوات الخمس الأخيرة، وهي أطول فترة تراجع سجلت منذ أول تقرير لمنظمة “فريدوم هاوس” قبل أربعين عاما، واعتبر مدير المنظمة ديفيد كريمر، أن التقرير “إنذار لكل ديمقراطيات العالم”. وجاء في التقرير أن تراجع الحقوق السياسية والمدنية والحريات سجل في الدول ذات الأنظمة السلطوية أو التي تشهد معدلات مرتفعة من الجريمة، وبلغ عدد الدول التي سجلت تراجعا بشكل كبير 25 دولة مقابل تقدم 11 بلدا فقط، وقد صنفت 87 دولة من مجموع 194 بلد في خانة “دول حرة” وفقا لدرجة ممارسة الحقوق السياسية والمدنية والأمن الذي يتمتع به السكان، وهو ما يمثل 43 بالمائة من سكان العالم، فيما بقيت الجزائر في خانة “غير حرة” بحصولها على تقييم 6 من 7 بالنسبة للحقوق السياسية، و5 من 7 بالنسبة للحريات المدنية، حيث تعتبر الدول أكثر حرية عندما تحصل على تقييم 1 من 7 ، وصنفت 46 دولة أخرى أغلبها من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى جانب الجزائر، حيث صنفت هاتين المنطقتين الأدنى في مستوى الحرية خلال 2010، وعلى مدى السنوات الأخيرة لم تتزحزح دول المنطقة، وفق المنظمة الأمريكية، عن التصنيف السيئ، بالنظر إلى استمرار انخفاض معدل الديمقراطية في هذه الدول، ولفت التقرير إلى ارتفاع عدد الدول المصنفة “حرة جزئيا” إلى 60 دولة. أما الجزائر التي عاد فيها التقرير إلى سنوات بداية الألفية والتسعينيات، فإن الإيجابية الوحيدة التي تحسب لها، حسب منظمة “فريدوم هاوس”، فهي تكثيف جهود مكافحة الإرهاب على المستوى الداخلي وعلى المستوى الخارجي بالتنسيق مع بعض الدول المجاورة، خاصة في منطقة الساحل، فيما ينتقد التقرير بشدة انتشار الفساد في مؤسسات حساسة من الدولة، منها الجمارك والشرطة، واستند التقرير إلى تصنيف منظمة “شفافية دولية” وتصريحات بعض المسؤولين، واتهمت الجزائر في ذات التقرير بالتضييق على الحريات الدينية، بالنظر إلى كون أغلبية سكانها مسلمين سنيين، وبالنظر أيضا إلى منع غير المسلمين من ممارسة الشعائر الدينية في أماكن غير مرخصة، يضيف معدو التقرير. ويلاحظ أن التقرير الجديد استند إلى معطيات قديمة تعود إلى ما قبل 2009 للحديث عن التضييق على الصحافة من خلال الرقابة على الإذاعة والتلفزيون والانترنيت و”تزوير الانتخابات” وغيرها من النقاط السوداء، كما وجد معدو التقرير في عدم اعتماد أحزاب جديدة، خاصة تلك المتعلقة بسنوات الأزمة “الإسلامية المتطرفة” مساسا بالديمقراطية والحريات السياسية، تضاف إليها منع التجمعات والمسيرات وفقا لحالة الطوارئ، ليخلص التقرير إلى أن الجزائر “ليست ديمقراطية منتخبة”، وأن الحكومة “تواصل قمع حقوق الإنسان”، وأن” الجهاز القضائي يخضع لضغوط الجهاز التنفيذي”، كما أن المنظومة العقابية لا تستجيب للمعايير الدولية بسبب الاكتظاظ داخل السجون. وانتقد تقرير “فريدوم هاوس” ضعف التمثيل النسوي في مؤسسات الدولة، خاصة غرفتي البرلمان، زيادة على تعرضها للتمييز بسبب القوانين المطبقة، منها قانون الأسرة.