دخلت تونس أمس أول أيام الحداد المعلن من طرف الحكومة الانتقالية ”في ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة”، وفق ما أعلن المتحدث باسمها، الطيب بكوش، الخميس، إثر أول جلسة تعقدها بعد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي وتلا المتحدث بيان جلسة مجلس الوزراء وجاء فيه ”لقد تقرر حداد وطني لثلاثة أيام اعتبارا من الجمعة في ذكرى ضحايا الأحداث الأخيرة”. هذا وقد قتل أكثر من مئة شخص في أعمال العنف التي شهدتها تونس خلال الأسابيع الخمسة الماضية بحسب أرقام جمعتها الأممالمتحدة، كما أعلنت المفوضة العليا لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، الأربعاء. وقالت بيلاي في مؤتمر صحفي ”إن مكتبي تلقى معلومات تتعلق بأكثر من مئة وفاة خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة ناجمة عن إطلاق نار وكذلك عمليات انتحار احتجاجية واضطرابات في السجون خلال عطلة نهاية الأسبوع”. وبحسب هذه المعلومات فإن شهر الاضطرابات الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي أدت إلى مقتل ”أكثر من 70 شخصا في إطلاق نار، وسبعة في عمليات انتحار احتجاجية، وأكثر من 40 في المواجهات في السجون خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي”. في سياق آخر، أقرت الحكومة الانتقالية مشروع قانون عفو عام، يشمل إسلاميي حزب النهضة المحظور، وأعلنت الحكومة أن الدولة ستستعيد ”الأملاك المنقولة وغير المنقولة للتجمع الدستورى الديمقراطى”، وقال الشابى، إن ”وزير العدل قدم مشروع قانون عفو عام وقد تبناه مجلس الوزراء الذي قرر إحالته على البرلمان”، فيما أوضح وزير التعليم العالي أحمد إبراهيم أن ”حركة النهضة ستكون مشمولة بالعفو العام”. وكان حزب النهضة الإسلامي أعلن الثلاثاء الماضي أنه سيتقدم بطلب للحصول على ترخيص. وتواصلت أمس في العاصمة تونس وفي مختلف أنحاء البلاد، مظاهرات شعبية حاشدة للمطالبة بحل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي، وكنس كل رموزه ورموز نظام الرئيس التونسي المخلوع من الحياة السياسية في البلاد، ونظم نحو 1000 شخص مسيرة، أول أمس، وسط العاصمة تونس، للمطالبة باستقالة الحكومة الانتقالية، وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا وسط شارع الحبيب بورقيبة، أمام حاجز أمني لرجال مكافحة الشغب ”الشعب يريد استقالة الحكومة”. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها ”إننا لن نخافكم يا خونة!”، و”التجمع الدستوري الديمقراطي برا”، في إشارة إلى حزب الرئيس المخلوع، وسمع صوت طلقات تحذيرية أطلقتها الشرطة أمام مقر حزب التجمع، لردع بعض المتظاهرين من تسلق سياج المقر. وخلافا لما جرى في الأيام الأخيرة، تمكن المتظاهرون من بلوغ مقر وزارة الداخلية ومواصلة مسيرتهم حتى مقر التجمع الدستوري الديمقراطي، متجاوزين من دون عنف حواجز الشرطة المقامة في شارع الحبيب بورقيبة. وقد اختفت دبابات الجيش التي كانت منتشرة منذ أيام عدة أمام مقر الحزب، وأعلن عقيد في الجيش للمتظاهرين ”أنا معكم، لن نطلق النار، المهم أن يكون التجمع سلميا” فصفق له الحاضرون. وقدم وزير التنمية الإدارية، العضو في الحزب الحاكم سابقا في تونس، زهير المظفر، استقالته من الحكومة الانتقالية، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية. وقال المظفر إنه قدم استقالته حفاظا على المصلحة العليا للبلاد وتسهيلا للتغيير الديمقراطي فيها. وعين المظفر في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلها الغنوشي وزيرا لدى رئيس الوزراء مكلفا التنمية الادارية. واستقال أربعة وزراء ينتمون للاتحاد التونسي للشغل وللمعارضة، بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة مباشرة الإثنين الماضي، مطالبين بخروج وزراء حزب التجمع من الحكومة. وكان المتحدث باسم الحكومة، الطيب بكوش، قد قال إنه ”اتخذ قرارا بتكليف وزيري التربية والتعليم العالي، بالعمل على استئناف الدروس في الجامعات والمدارس خلال الأسبوع المقبل”. لكن المتحدث لم يوضح الموعد المحدد لاستئناف الدروس. وكانت حكومة الرئيس المخلوع بن علي أمرت بإغلاق كل المدارس والجامعات في كل أنحاء البلاد ”حتى إشعار آخر” يوم العاشر من جانفي، في ذروة الانتفاضة الشعبية ضد بن علي.