بعد الفاجعة التي حلت بأسرة الضحية “عبد الحفيظ بودشيشة” البالغ من العمر 25 سنة، الذي توفي أول أمس بالمستشفى الجامعي بقسنطينة بعد انتحاره حرقا، حين صب البنزين على كامل جسمه وأضرم النار ليلفظ أنفاسه الأخيرة، متأثرا بحروقه الخطيرة التي بلغت الدرجة الثالثة، احتجاجا على ظروفه القاهرة. ارتأت “الفجر” الانتقال إلى منزل الضحية المتواجد ببلدية مجانة شمالي عاصمة الولاية، لمعرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت عبد الحفيظ لوضع حد لحياته، حيث استقبلتنا عائلة الضحية والأسى والحزن حاضران على وجوه الجميع، إلا أن الوالدين خاصة لم يرفضا الإجابة عن أسئلتنا، حيث أكد الوالد بأن الدافع والسبب الرئيسي الذي أدى بابنه الى الانتحار هو “الوضعية الاجتماعية المزرية التي تتخبط فيها العائلة المكونة من تسعة أفراد، خمسة شبان وابنة مطلقة تقطن معي رفقة ابنها نقطن كلنا في بيت للكراء مكون من غرفتين اثنتين، واحدة لابني الأكبر الذي يعاني من مشاكل صحية نتيجة تعرضه لحادث عمل تسبب في حرق أطرافه السفلية، وهو ما زاد الأمر سوءا ودفع بكل لأسرة إلى الاشتراك في غرفة واحدة، إضافة إلى الأعباء المادية الأخرى، حيث يعتبر الوالد المعيل الوحيد لهم وأن الشبان الأربعة يعانون من البطالة”. كان الشاب عبد الحفيظ يحوز على شهادة في النجارة وطرق كل الأبواب من أجل الحصول على عمل ولو في إطار الشبكة الاجتماعية، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، وكان شغله الشاغل هو حصولهم على بيت يأويهم إلا أن هذا الحلم لم يتحقق، وأكد الوالد بأن مصادر مقربة من البلدية أكدت له حصولهم على السكن الاجتماعي إلا أنه بمجرد الإعلان عن قائمة المستفيدين العام الماضي، لم يجد اسمه في القائمة وتم شطبه، وهو الأمر الذي أثار دهشته واستغرابه وأثر كثيرا على الابن “عبد الحفيظ” الذي ذهب مرات عديدة لرفع شكاوى إلى البلدية، وقبل محاولة إقدامه على الانتحار بيومين توجه عبد الحفيظ إلى رئيس الدائرة لشرح أوضاع عائلته لعله يجد آذانا صاغية هناك، إلا أنه وحسب أسرته لم يتم استقباله، وكان يردد في الأيام الأخيرة بأنه يئس من هذه المعيشة التي لم توفر له أي شيء. وبخصوص الخبر الذي تداوله بعض السكان، والذي مفاده بأن عائلة المعني قد استفادت من حصة من السكن الريفي إلا أنها رفضتها وطلبت حصة من السكن الاجتماعي، نفى والد الضحية الخبر وقال صحيح بأن البلدية طالبته بإحضار عقد من أجل تمكينه بحصة من السكن الريفي، وهو الشيء الذي لا يملكه نظرا لعدم حيازته على أية قطعة أرضية وقام باستخراج الوثائق التي تثبت ذلك.