قدّم صندوق النقد الدولي تقريرا عن الاقتصاد الجزائري يشمل مرحلة 2007 - 2015، وحمّله جملة من الأرقام والمعدلات توضح بشكل مباشر مدى نجاح إيرادات البترول في تغطية تكاليف النفقات، ويُبيّن تراجع المديونية الخارجية إلى أدنى مستوى منذ الاستقلال. كما يكشف التقرير من ناحية أخرى هشاشة الاقتصاد الوطني واستمرار معدلات البطالة في الاضطراب بين التوظيف والتسريح نصائح لإعادة النظر في ميزانية الإنفاق والتضخم وتحفيز المستثمر الأجنبي أصدر صندوق النقد الدولي “الأفامي” تقريره، في إطار البعثات التشاورية التي يجريها مع دول العالم دوريا، وحمل هذا التقرير صبغة إيجابية من حيث الأرقام والمداخيل والناتج المحلي، فيما كان سلبيا من حيث هشاشة الاقتصاد، باعتباره أحادي القطب يعتمد على النفط بنسبة تعدت 97 بالمائة، وكذا البطالة التي تُهدد الجزائر سنويا، رغم تراجع معدلها إلى مستوى 10.2 بالمائة خلال 2009، بعد أن كانت عند 17 بالمائة في 2001، مع انخفاض البطالة لدى الشباب من 50 بالمائة إلى 22 بالمائة حاليا، وهي نسبة تتجاوز المعدل العالمي الميثالي المحدد ب 7 بالمائة فقط. وتؤشر البطالة في الجزائر على غياب المرافق الهامة والمؤسسات الكبرى لامتصاص كفاءات خريجي المعاهد والجامعات، خصوصا في ظل تراجع وتدني المستوى التعليمي والتكويني لمختلف مهني القطاعات في شتى التخصصات، الأمر الذي دفع بالدولة للاستعانة بالأجانب في مختلف مشاريعها القاعدية، رغم امتلاكها لطاقات هائلة ينقصها التأهيل وبث الخبرة فيها. أما بالنسبة لإطارات الكفاءة فدفعتهم الظروف القاهرة إلى هجرة الجزائر باتجاه كندا بدرجة أولى، تليها أوروبا ثم واشنطن والخليج. وبلغة الأرقام كشف تقرير “الأفامي” عن بلوغ إجمالي الناتج المحلي في 2008 حوالي 170 مليار دولار، ويتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي في 2015 إلى حوالي 205 مليار دولار، باحتساب معدل الصرف الحالي للعملات بنحو 75 دينارا لكل 1 دولار. وبالنسبة لمتوسط نصيب الفرد من الناتج في عام 2008، فقد بلغ حوالي 5 آلاف دولار، ويتوقع أن يرتفع قليلا في عام 2015 إلى 5270 دولارا. وتسيطر الصادرات من خامات النفط على الناتج المحلي الإجمالي، وبشكل عام تتمتع الجزائر بالخصائص الكلاسيكية للاقتصاد النفطي، حيث وضعت ميزانيتها السنوية على هذا الأساس، واعتمدت معدل 34 دولار للبرميل سنويا سابقا، لكن في 2008 رفعت المعدل إلى 88 دولار للبرميل، بعد تسجيل البترول لمستوى قياسي في بورصة خام برنت الشمال ببلوغه 147 دولار للبرميل، وهي تجازف كثيرا بالنظر إلى ارتفاع النفقات وبعث جملة من المشاريع الضخمة، من غير إيجابيات قصوى. وقدّر الصندوق احتياطي النقد في الجزائر مع نهاية 2010، ب 157 مليار دولار، ما يعادل أكثر من 3 سنوات من استيراد السلع والخدمات. كما قدم لها عدة نصائح تدعو إلى ضرورة توقيف زيادات الإنفاق الحالية، ومواجهة الصدمات الأزماتية، مع القيام بإصلاحات مصرفية ومالية، وكذا رفع كفاءة الإنفاق من حيث التسيير الراشد، واحتواء التضخم، لوجود القدرة على ذلك، وإنشاء مشاريع لتوظيف الشباب أكثر، وتحفيز المستثمرين الأجانب أكثر بتذليل المصاعب لهم.