لم يتمكن المتظاهرون الذين كان من المفروض أن يشاركوا في مسيرة أمس من إيجاد تعابير لتوظيفها كشعارات يرددونها خلال تجمعهم بساحة أول ماي والشوارع المجاورة لها، ليلجأ الجميع إلى شعارات رددها المتظاهرون في مصر بينما حور البعض الآخر شعارات الملاعب لتتماشى ومطالب المحتجين، في الوقت الذي ردد من هم في حدود الثلاثينات والأربعينات الشعارات التي كثيرا ما رددها المتظاهرون في فترة التسعينات. غياب مظاهر الاحتجاج والتظاهر السلمي بدا واضحا من خلال الشعارات الفقيرة جدا التي رددت خلال مسيرة أمس، والتي بدت أن أصغر فريق يمارس كرة القدم يملك أنصاره شعارات أكثر مما يمتلكه السائرون والمحتجون، وأنقذ الموقف الحضور المقبول لعدد من المراهقين من أنصار الفرق العاصمية، الذين قاسموا السائرين أو الممنوعين من السير شعاراتهم المعبرة عما تعانيه شريحة الشباب، رددوها مرفوقة بألحان زاهية خلقت أجواء حماسية، في مسيرة كانت ستكون صامتة خلافا لما ألفه الجزائريون، خاصة الذين عايشوا حقبة التسعينات حيث كانت المسيرات غير ممنوعة، ولم يكن يمر أسبوع أو أسبوعان حتى تنظم جمعية أو حزب ما مسيرة تجوب شوارع العاصمة، يعرف منظموها من خلال الشعارات التي يرددونها. بينما لجأت فئة أخرى ممن فضلت المشاركة في المسيرة إلى الشعارات التي رددها المتظاهرون في مصر وتونس، رغم أنها لم تكن تتماشى والمطالب التي حددها الداعون إلى المسيرة. الموقف كان يدعو إلى ترديد شعارات للفت الانتباه أن مجموعة ما تتظاهر للمطالبة بشيء سيتضح عند سماع ما تردده الحناجر، ما كان من هذه الفئة إلا اللجوء إلى آخر ما التقطته آذانها ولو كان منقولا من مظاهرات بثتها الفضائيات خلال الأيام الأخيرة. وأجبرت الفئة الثالثة على العودة إلى الوراء لسنوات حتى تستشير ذاكرتها وتستخرج منها شعارات كان يرددها المحتجون والمتظاهرون خلال سنوات التسعينات حيث مكنت المسيرات المتكررة من إثراء القاموس الخاص بالشعارات والجمل المرددة فيها. ورغم أن هذه الشعارات القديمة فقدت بريقها مع مرور السنوات وتغير الأوضاع، وانتقال موازين قوى الجماعات السياسية، إلا أنها بدت وكأنها أفضل من لا شيء. فهل ستكون مسيرة أمس مناسبة لتجديد دم الشعارات حتى تتماشى ومطالب جيل 2011 أم أنها ستبقى موءودة مفقودة ما دامت المسيرات بالعاصمة ممنوعة.