السيّد سعيد سعدي، قل لي من سيسير معك ؟ لا، لا أقول هذا ترديدا لما قالته لويزة حنون، بل لأن الذي يسير في مسيرة لابد أن يكون له رجلان يقف عليهما. والإرهاب يا دكتور “حش ركايب” كل الجزائريين، على حد التعبير الشعبي، والذي سيسير في مسيرة - وهي حق ووسيلة تعبير ديمقراطية - لابد أن تكفلها الدولة لكل الجزائريين، لابد أن يكون له رأس وعقل يقودان وجهته، ونحن يا دكتور وأنت تعرف أكثر من كثيرين أننا مجتمع فقد توازنه بفعل الأزمة الأمنية والأزمات الأخرى وبفعل الفساد المستشري وأخبار الملايير التي تنهب من المال العام.. أنصحك يا دكتور أن تتوقف عن العمل السياسي، وتحلّ الحزب الذي فشل في المعارضة وفي الشارع وفي المشاركة في الحكم مثلما فشل في منطقة القبائل وعجز حتى عن تمثيل هذه المنطقة مع أنه متهم بكونه حزب جهوي، وتعيد فتح عيادتك لأننا مجتمع، كما قلت، فقد التوازن حتى لا أقول فقد العقل. فالشعب الذي واجه ما واجهه الجزائريون في فترة الإرهاب، لن يغامر مرة أخرى وينساق وراء خطابات السياسيين، خاصة الذين يمتلكون حسابات وشققا في باريس وإسبانيا. جراح الجزائريين لم تلتئم بعد، والدعوة إلى تنظيم المسيرة هي بالنسبة للكثير منهم ترادف الارتماء في أحضان المجهول. لا تغضب من كلامي وتقول إنه كلام صحف معرّبة، ونحن نعرف أنك تتشاءم من الصحفيين المعرّبين وترتعش كلما خاطبك أحدهم بلغة الضاد، وكأنك تصاب بصعقة كهربائية، ليس لصفة الصحفي، بل لصفة المعرّب، لا تغضب من كلامي، وأنا التي أعجبت يوما بما كنت تقول وبخطابك السياسي وكنت دائما أعتبرك رمز المعارضة ورجل الموقف الذي يجب ألا يختفي من الطيف السياسي، لأننا بحاجة لشجاعتك، وكم سعدت وأنا أسمعك تقول لعباسي مدني ذات يوم : “لن نسمح لكم بالمرور”، ويبدو أن دائرة الذين لن تسمح لهم بالمرور اتسعت وشملت مناضلين من حزبك، والمفارقة أنك اليوم تقف جنبا إلى جنب مع علي بلحاج في مسيرة واحدة لم تتحرّك. أنا مستعدة لكي أسير معك حنانا إلى مسيرات التسعينيات، أيّام كانت أشياء كثيرة تقرّبنا، لكن هل تضمن لأبنائنا ملاجئ في باريس وإسبانيا، مثلما ضمنت وطنا بديلا لأبنائك؟ المسيرة حق، والتغيير حلمنا ومطلبنا جميعا، ومحاسبة لصوص سوناطراك وملتهمي الملايير، ومحاسبة شكيب خليل وأمثاله مطلبنا جميعا والعدالة العادلة والصحافة النزيهة هي مبدأ نضالنا، لكن لا نريد انزلاقات، فلن يكون رجال النظام ولا حتى أنت من سيدفع الثمن.. الثمن سيدفعه البسطاء من الشعب، سكّان المداشر والقرى التي عانت من المجازر. هذا الشعب الذي سيأتي يوم يسترجع فيه ما نُهب منه، فبن علي سرق كل أموال التونسيين، لكنه لم يسرق منهم تونس.. لا تكن يا السي سعدي عود الثقاب الذي سيضرم النار في جسد الجزائر.