بعد شلل تام أصابها لمدة 20 يوما منذ اندلاع ثورة 25 من يناير، تباينت عودة روح الحياة الإدارية في القاهرة، فشهدت الساعات الأولى من صباح أمس فوضى عارمة داخل مجمع التحرير نتيجة توافد المواطنين عليه ما يمثله من أهمية حيث يعتبر العصب الحيوي ومحرك مصالح ال 80 مليون مصري المنتشريين على مختلف محافظات مصر، ويعمل به حوالي 10 آلاف موظف موزعين على مختلف المصالح الحكومية المتواجدة بداخله. كما لم تغادر الفرحة والسعادة وأجواء الاحتفال ملامح مواطني القاهرة لما حققته ثورتهم من نتائج عظيمة كانت أول ثمارها سقوط مبارك ورحيله منهزما تحت تأثير الإرادة الشعبية. من جهة ثانية،، قامت القوات المسلحة بالتعاون مع مجلس أمناء ثورة 25 يناير بتنظيف ساحة ميدان التحرير وإخلائها بشكل كبير، ولم يتبق سوى بعض المعتصمين المرابطين داخل المساحة الخضراء للميدان، الذين رفضوا الانصياع لأوامر الجيش بحجة أن إخلائهم للمكان لم يحن بعد وفق الأجندة التي جاءوا من أجلها والتي تهدف، حسب تصريحاتهم، إلى ضمان "إبادة تامة للنظام ورموزه، على حد وصفهم، مؤكدين أن رحيل مبارك ليس أكثر من خطوة أولية نحو التغيير. وأكد عدد من المرابطين داخل الميدان ل "الفجر" عزمهم مواصلة الاعتصام معربين عن تخوفهم من أن احتمال فشل القوات المسلحة في تحقيق مطالبهم وتصفية جميع رموز النظام السابق على بكرة أبيهم ، من أصغر مسؤول إلى أكبر وزير كان يدير مسيرة الفساد في مصر. ويقول الرافضون لفض الاعتصام "سقوط مبارك ليس النهاية، بل هي البداية نحو التغيير الحقيقي والذي يجب أن يبدأ من تطهير النظام من رموز الفساد الحقيقيين"، مشددين على أن بقاء رموز النظام السابق سوف يعرقل مسيرة التنمية في مصر الطامحة إلى إحداث نهضة اقتصادية واجتماعية وسياسية. النصر يفتح شهية الفئات للمطالبة بتحسين أوضاعهم هذا وألقى الانتصار العظيم الذي حققه شباب ثورة 25 من يناير بظلاله على عدة فئات أخرى سيما منها العمالية والموظفين في قطاعات الدولة. فحسب بيانات النقابات العمالية فإن مطالب الفئات لا تتعدى كونها مطالب إجتماعية مع تسجيل بعض الطموحات لعدد منهم الذين طالبوا بإقالة مدرائهم في العمل واستبدالهم بآخرين. فقد سجلت مصر في اليوم الذي تلا رحيل مبارك ، أزيد من 50 اعتصام وإضراب لفئات عمالية ظلت صامتة لدهر من الزمن لم يلق لها المسؤولون في عهد مبارك أدنى اهتمام، وهو ما دفعهم، حسب رأي المراقبين، إلى الاحتماء بمظلة ثورة يناير للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية ورفع الرواتب. فخرج أمس الأول مئات الموظفين المؤقتين بالجامعات المصرية "القاهرة" و"عين شمس"، و"حلوان"، الأحد، في تظاهراتهم للمطالبة بتحسين أجورهم وتثبيتهم في وظائفهم، وذلك بعد أن كانوا نظموها الخميس الماضى. كما أعلن العاملون بمديريات وزارة القوى العاملة والهجرة عن تنظيم اعتصام مفتوح أمام ديوان عام الوزارة الأربعاء القادم، احتجاجا على استمرار عائشة عبد الهادي، وزيرة القوى العاملة والهجرة في منصبها، بزيادة الأجور ومساواتهم في الحوافز والبدلات. هذا، وأصدرت الفئات الأكثر حرمانا في المجتمع الممثلة في فئة المعاقين تحديدا بيانا نددت فيه بتهميش السلطات والمجتمع لهم، معتبرين أن لديهم الحق بصفتهم مواطنين الترشح في انتخابات مجلس الشعب القادمة، داعين جميع ذوي العاهات للوقوف صفا واحدا من أجل دعم مرشحهم حتى يكون لديهم منبر يدافع عن حقوقهم في المجلس.