عاد الصراع النقابي بقطاع التربية إلى الواجهة، ليصل إلى ذروته مع إعلان الوصاية عن قرار تشكيل لجنة مشتركة هذا الإثنين، لدراسة كيفية تسيير أموال الخدمات الاجتماعية بصيغة تنهي هيمنة اتحادية عمال التربية، ومن خلالها المركزية النقابية فالبوادر الحالية تنبئ بعواصف في القطاع بسبب رفض الاتحادية التنازل عن الملف وتسليمه لأية جهة كانت، وقبلت فقط مبدأ إعطاء النقابات حق إبداء الرأي في كيفية التسيير، محذرة من اللجوء إلى طرق أخرى في حالة إرغامها على ذلك، في الوقت الذي توعدت النقابات المستقلة بشل المدارس إذا ما لم يسو الملف هذه المرة، وسحبه نهائيا من الاتحادية النقابية، رافضين “التوريث”. قد اختلفت آراء نقابات قطاع التربية الوطنية فيما تعلق بمبدإ تسيير ملف الخدمات الاجتماعية، قبل حلول الموعد الذي حددته الوزارة الوصية لفك النزاع القائم، الذي تحاول من خلاله تفادي اضطرابات تمس باستقرار المؤسسات التربوية، خاصة وأنها تتزامن مع العد التنازلي لنهاية الموسم والإقبال على امتحانات نهاية السنة، حسب التصريحات التي جمعتها “الفجر” من مختلف هذه التنظيمات، وعلى رأسها الاتحادية الوطنية لعمال التربية، التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين، التي تشرف ومنذ أكثر من 17 سنة على تسيير آلاف الملايير من أموال الخدمات الاجتماعية، الخاصة ب500 ألف عامل بقطاع التربية، باتفاقية مع الوزارة الوصية. بوداحة: “نرحب بتصورات النقابات وأي قرار لسحب الملف سيكلف القطاع غاليا” رحب أمين عام الاتحادية الوطنية لعمال التربية، العيد بوداحة، في تصريحه، بالحوار الذي فتحته الوصاية بخصوص تسيير هذه الأموال، مؤكدا استعداد الاتحادية للأخذ بعين الاعتبار كل اقتراحات نقابات التربية الهادفة لتسيير أمثل لأموال الخدمات الاجتماعية، بعد أن قال “إن الاتحادية ليس لها مشاكل مع النقاببين في التنظيمات الأخرى”، وأكد أنهم ينتمون كلهم إلى ذات القطاع، كلهم أساتذة، ورغم الاختلاف في طريقة تحقيق مطالب الأساتذة، إلا أنهم يحترمون بعضهم البعض، باعتبار أن الهدف واحد هو تحسين الظروف الاجتماعية المهنية للعمال. وأكد بوداحة على مبدإ الاتحادية الرافض لمطلب التخلي عن الخدمات الاجتماعية مهما كانت الأسباب والعواقب، موضحا أن النقابة ليست ضد أي أفكار تصدر عن النقابات حول كيفية التسيير، لكن تسليمها للإدارة أو إلى الأطراف الأخرى يبقى مرفوضا، باعتبارها أموالا لعمال القطاع لا يجب العبث بها، مفندا كل الأقاويل التي تحدثت عن سوء التسيير، بعد أن أشار إلى عدم صحة الأرقام الخاصة بمبالغ أموال الصندوق، باعتبارها تمثل نسبة 2 بالمائة من مجمل الميزانية التي تخصصها الوزارة الوصية لأجور الموظفين، والتي لا تعرفها سوى هذه الأخيرة. وأكد المتحدث احترامه للقوانين الصادرة عن السلطات العليا مهما كان نوعها، غير أن تسليم أموال الخدمات الاجتماعية يبقى مستحيلا، داعيا النقابات إلى تقديم تصوراتها في كيفية التسيير لأخذها بعين الاعتبار. وحذر رئيس الاتحادية من أي قرار لسحب الملف منها، حيث أكد لجوءهم إلى القاعدة، وإلى طرق أخرى لإبقائها تحت وصايتهم، في إشارة إلى تبني احتجاجات، متطرقا في ذات السياق إلى الفوضى التي انجرت عن تجميد هذه الخدمات منذ جانفي المنصرم. النقابات المستقلة: “التسيير الشعبوي للملف مرفوض وبن بوزيد يتحمل نتائج القرارات” من جهتها، هددت النقابات المستقلة بشن الاحتجاجات لكن بهدف مغاير، يتمثل في ضرورة طي الملف نهائيا وسحبه الفوري من المركزية النقابية، حيث انتقد رئيس المجلس الوطني المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني”الكناباست”، نوار العربي، مبادرة تشكيل اللجنة من أصله، باعتبار أن تشكيل اللجنة تم منذ عام لذات الغرض وجمدت كل أشغالها، محذرا الوزارة من سياسة ربح الوقت، ودعاها لطي الملف نهائيا، عبر القيام بانتخابات لرئاسة هذه الأموال من طرف مؤسسة مستقلة دون الإدارة، ومنتخبة من العمال، على أن تكون النقابات كهيئة مراقبة مع مفتشية تسيير الأموال. كما أكد رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية، بوجناح عبد الكريم، على ضرورة إشراك كل النقابات في التسيير، تفاديا للاستيلاء عليها، مذكرا بالرسالة التي وجهتها النقابة إلى رئيس الجمهورية بغرض استقرار القطاع، بعد أن رفض التسيير الشعبوي للأموال. كما ذهب رئيس الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، الصادق دزيري، إلى المطالبة بتحرير الملف من أية هيمنة نقابية، قائلا “إن النقابات مهامها رسم السياسة الاجتماعية، والتسيير يخول للجان المنتخبة”، مؤكدا رفضه للتوريث لهذه التركة الخاصة بعمال القطاع. ونقل الصادق نتائج دورة المجلس الوطني المنعقد بتلمسان نهاية هذا الأسبوع، التي تثمن إنشاء كونفيدرالية النقابات الجزائرية والتنسيق مع النقابات الفاعلة في القطاع، مؤكدا اعتزامهم الدخول في إضراب وطني شامل لجميع الأسلاك في حالة تجاهل الوزارة مطالبهم هذه المرة، في ظل احتقان الجبهة الاجتماعية الذي ينذر بانفجار وشيك ما لم يتم تدارك الوضع باتخاذ تدابير وإجراءات عملية استعجاليه، خاصة بعد قرارات مجلس الوزراء المغيبة لانشغالات الأسرة التربوية، بناء على تهديدات كل نقابات القطاع السبع الفاعلة.