أربعينية الفريق سعد الدين الشاذلي - رحمه الله - هي أربعينية الوفاة السياسية لحسني مبارك! لأن اليوم الذي انتقل فيه إلى رحمة الله الفريق سعد الدين الشاذلي بطل حرب أكتوبر.. ونمر الصحراء كما وصفه الإسرائيليون.. هو نفس اليوم الذي انتقل فيه مبارك إلى مثواه الأخير سياسيا في شرم الشيخ! سعد الدين الشاذلي أكرمه الله بموت يشبه موت العظماء حين مات والشعب في شوارع القاهرة يصلي عليه صلاة الجنازة بالملايين.. ويلعن من سجنه ظلما بالملايين أيضا! شهدان إبنة البطل سعد الدين الشاذلي قالت: إن البطل عاش في الجزائر عيشة الملوك.. فقد أكرمه بومدين وأكرمه الشاذلي.. وأساء إليه جماعة بوضياف الذين جاءوا معه من باريس.. ولأنه رجل شهم لا يقبل الإهانة والإساءة فضل المرحوم تسليم نفسه إلى مبارك ليسجنه على أن يهان من طرف عملاء فرنسا في الجزائر! القضية كما رواها لي هو نفسه في الخرطوم سنة 1993: أن جماعة فرنسا الذين جاءوا مع بوضياف سنة 1992 حرّضهم المغرب عليه لأنه ساهم في مساعدة الجزائر في عهد بومدين والشاذلي على وضع الخطط لإفشال الخط الدفاعي المغربي في الصحراء الغربية والذي ساعد الضباط الإسرائيليون المغرب في بنائه وسمي بالجدار المفيد.. وهو يشبه خط بارليف من حيث نوعية الموانع الكثبانية الرملية.. وقد خربه الصحراويون بسهولة فيما سمي في بداية الثمانينيات بعمليات "الزاك" التي قام بها البوليساريو. جماعة بوضياف الذين "حرشهم" المغاربة على الفريق سعد الدين الشاذلي قالوا للشاذلي إن الفيلا التي تسكنها تحتاجها الرئاسة! وهي فيلا أسكنه فيها المرحوم بومدين وهي تقع قبالة السفارة الأمريكية في شارع البشير الإبراهيمي في أعالي العاصمة.. وأرادو نقله إلى مكان آخر.. وأحس أن الأمر يتعلق بإهانة لها خلفيات سياسية وليس الفيلا.. ولذلك قرر مغادرة الجزائر نحو مصر مهما كان المصير. وعندما قابلته - رحمه الله - في الخرطوم وفي غرفته بفندق الشيراطون حاولت الاعتذار له باسم الجزائريين عن إساءة جماعة بوضياف له.. فقال لي - رحمه الله - إنه لا يعتبر ما حدث من صنع الجزائريين بل هؤلاء لا علاقة لهم بالجزائر التي يعرفها.. جزائر بومدين والشاذلي.. وقال لي إنه لم يكن يتصور أبدا أن يسجن من طرف مبارك.. لأن مبارك كان شديد الإعجاب به عندما كان قائدا للأركان! وضحك وقال لي: إنه يؤدي لي تعظيم سلام كل مرة بمناسبة وبدون مناسبة! وذات يوم زرته - رحمه الله - في بيته في أعالي العاصمة.. فقال لي إنه تنقل بنفسه إلى عاصمة الجزائر لإبلاغ بومدين شفاهة تاريخ بدء معركة حرب أكتوبر.. وأن الزيارة دامت سويعات فقط! وأن بومدين قال له: إن المعركة معركة الجزائر أيضا وليست معركة مصر وحدها.. وإنه اختار الجزائر المكافحة للإقامة واللجوء السياسي لأن المرحوم نزار قباني كتب قصيدة قال فيها إن بطل الحرب في 1973 اختاروه سفيرا في بلاد أوروبية لينعم بالكافيار والسيڤار!