سيسلم رئيس الهيئة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، تقريره الأخير الخاص بحقوق الإنسان في الجزائر إلى رئيس الجمهورية قبل نهاية الشهر الجاري، وقد حذر من مغبة استعمال الدين لأغراض سياسية قياسا بالانحرافات التي وقعت مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة نقائص في مجال الصحة، السكن ومحاربة الرشوة وتنبيه لعدم تهميش الجنوب وهذا في إطار الإصلاحات العديدة المعلن عنها من طرف رئيس الجمهورية يوم 15 أفريل المنصرم في خطابه الموجه للأمة. حتى وإن أبدى فاروق قسنطيني تفاؤلا بشأن مضمون خطاب الرئيس في مجمله، إلا أنه تحفظ واستعمل لغة التنبيه والتحذير فيما يخص بعض النقاط، أهمها اعتماد أحزاب ذات توجه إسلامي، قد تنحرف عن الأهداف المنشودة من التغيير الديمقراطي في البلاد، وتؤدي بالجزائريين إلى التهلكة استنادا إلى التجارب المريرة التي عاشتها الجزائر بعد الانفتاح الديمقراطي الذي جاء به دستور 1989، ووجه دعوة إلى الأحزاب التي تشارك في صياغة قانوني الانتخابات والأحزاب، بضرورة الانتباه إلى هذه النقطة وعدم تفويت الفرصة وتدارك النقاط السلبية. وأضاف ضيف الحصة الإذاعية للقناة الثالثة، أن تعديل الدستور يجب أن يكرس الفصل التام بين السلطات ويحقق المزيد من الحقوق والحريات، بما يضمن بناء مجتمع ديمقراطي، مثمنا التعديلات الخاصة بالقوانين التي أعلن عنها الرئيس، تلك الخاصة بالأحزاب والانتخابات والإعلام، وقال إنها لبنة أساسية في بناء الديمقراطية في البلاد. وعدد فاروق قسنطيني، النقاط السلبية التي تحول دون إرساء الديمقراطية الحقة في الجزائر، منها الرشوة التي قال إنها مستعصية وعلى مستويات عدة، بالإضافة إلى العراقيل البيروقراطية التي تتسبب بطريقة مباشرة في تشويه صورة الجزائر، مشيرا إلى أن اللجنة التي وضعت لمحاربة الرشوة “لن تؤدي دورها كما ينبغي ما لم يشارك المواطن في الإبلاغ عن مختلف مظاهر الفساد”. وقال الحقوقي إنه سيحيل تقريره الخاص بوضعية حقوق الإنسان في الجزائر إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، قبل نهاية الشهر الجاري، موضحا أنه يتضمن نقاط سلبية لا تزال حجر عثرة في تحقيق العيش الكريم للمواطنين، فبالإضافة إلى الرشوة، أشار إلى السكن، تدني مستوى الخدمات الصحية، قلة الإطارات الطبية ووجود هوة كبيرة بين الأغنياء والفقراء، وخص بالذكر في تقريره الذي سيسلم إلى رئيس الجمهورية، التهميش الذي يطال العديد من الولايات الجنوبية للوطن من حيثي المرافق والخدمات وغيرها من الأمور الأخرى التي يحظى بها سكان الولايات الشمالية. وواصل الحقوقي أن الجزائر لا تريد ديمقراطية واجهة، ولا تلك التي تفرض عليها من دول أجنبية، وإنما ديمقراطية حقيقة، مشيرا إلى أن الجزائر سبقت جميع الدول المنطقة في إحداث الإصلاحات بعد دستور 1989، “لكن التداعيات السلبية للعشرية السوداء انعكست عليها سلبيا وجعلتها تتأخر 40 سنة بدل أن تتقدم”، وأرجع السبب في ذلك إلى تدني الأوضاع الأمنية التي فرضت مجموعة من القوانين كإقرار حالة الطوارئ، وقال إن ذلك لم يثن من العزيمة في التغيير بإحداث قوانين لمرافقة تلك المرحلة من خلال إنزال قانوني الوئام المدني وبعده المصالحة الوطنية، بهدف تحقيق الاستقرار واستكمال مسار البناء الديمقراطي مثلما ورد في خطاب الرئيس، يضيف المتحدث. وفي رده على سؤال متصل بالانتقادات التي تضمنها التقرير الأخير للخارجية الأمريكية، قال قسنطيني إنه حتى وإن كانت هناك نقاط سلبية، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية أبعد من أن تسدي النصح وتعد تقارير عن الجزائر، باعتبارها أول من ينتهك تلك الحقوق، خاصا بالذكر كلا من أفغانستان، العراق وفلسطين، كنماذج لتلك الانتهاكات.