عاش، سهرة أول أمس، ثلّة من الشعراء والباحثين والفنانين بمدينة أدرار السياحية، على وقع برنامج الطبعة الثانية من الخيمة الوطنية للشعر الشعبي، التي تنظمها دار الثقافة للولاية، تحت شعار “التراث الثقافي والمجتمع الجواري” حتى ال23 من الشهر الجاري عرف اليوم الثاني من التظاهرة، تنظيم مداخلة من تقديم عدد من الباحثين والمهتمين بالتراث الشعبي المحلي، حيث ركز جميع المشاركين على البعد التاريخي والدور الذي لعبه الرحّالة في بعث والحفاظ على الموروث الثقافي الشعبي بالمنطقة، خاصة فيما يتعلق بالشعر الشعبي، الذي لا زالت عملية جمعه وتدوينه في بعض مناطق الوطن تتم عن طريق الحفظ بدل التدوين، كما هو معمول به في مختلف الفنون الأدبية الأخرى. وفي هذا الصدد، رصد الباحث والأستاذ عبد الله كروم، من ولاية أدرار، أثناء مداخلته التي تناولت موضوع “رحلة إلى التراث الشعبي بمنطقة توات”، أهم مسارات هذا المكون الأساسي في الهوية الوطنية باعتبار أنّ هذا الموروث الشفوي وعاء لتخزين الذاكرة والتاريخ وحمايته من الزوال، خاصة وأنّ هذا النوع من الثقافات يعد عصارة وعبق الذاكرة الوطنية التي ستبقى نبراسا للأجيال القادمة. وسلط المتحدث، في ذات السياق، الضوء على كون هذا النوع من الأدب - أي الشعر - هو الحاضنة والمسجلة لمؤثثات الثقافة والهوية وهو ما وقف عليه ثلّة من الشعراء القادمين من مختلف ربوع الوطن، حيث سلّط كل منهم الضوء على بعض الحكايا والقصص التي توارثها هؤلاء أبا عن جدّ، تحكي أغلبها عن الدور الذي لعبه بعض الشعراء السابقين في المحافظة على طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في ذلك العصر. وركّز بدوره كروم على الشعر الشعبي في منطقة توات الواقعة بمدينة أدرار، التي تعد منطقة غنية جدا بعناصر ومكونات الموروث الشعبي الضارب في عمق التاريخ، حيث يرجع إلى مرحلة ما قبل التاريخ والعهد النوميدي والروماني والفتح الإسلامي وصولا إلى الدولة القطرية، إذ يوجد بمدينة أدرار وبالتحديد في إقليم “قورارة، تيديكلت، وتوات”، زخما من التراث الشعبي المتنوع في طبوعه وإيقاعاته ولا يزال بحاجة إلى دراسات معمقة من قبل المختصين والهيئات المعنية بالثقافة، للمحافظة عليه والاستفادة منه من قبل الباحثين والنقاد والمهتمين بالموروث الشعبي المحلي. ويأمل القائمون على هذا المهرجان الوطني الذي يأتي في طبعته الثانية لهذه السنة، ويعرف مشاركة نوعية لمبدعين يمثلون 20 ولاية، أنّ يساهم هذا الملتقى في إعادة الاعتبار لهذا النوع من الفنون الأدبية، خاصة وأنّ هذا الحدث يأتي بالموازاة مع احتفاء الجزائر والعالم بشهر التراث العالمي. وفي ختام السهرة، شهدت الجلسة التي امتدت إلى ساعات متأخرة من ليلة أمس، إلقاءات شعرية لعدد من الشعراء المعروفين في الوسط الثقافي خاصة في طابع الشعر الشعبي، أمثال مسعودي بشير، بن حيدي محمد، برماكي عبد الله، ساعد بوجمعة، بن طيب جلول، بن طيب عبد القادر، أقبلي فاطمة، سويقات لمين، لخضر نظري، شيخاوي قاسم، خدير بوبكر، موسى بوشاقور، خطاب العالية، خالد الشامخة، بودالي محمد، وصديقي خديجة، فيما كان للموسيقى التراثية نصيب من برنامج التظاهرة هذه، حيث قدمت فرقة “أهليل”، القادمة من مدينة تيميمون السياحية، باقة متنوعة من الأغاني التراثية التي يحفظها أهل المنطقة عن ظهر القلب، وهي في الأساس أعمال فنية تعد من أشهر اللوحات الموسيقية التي قدمتها هذه الفرقة منذ سنوات عديدة، وتعد هذه الأعمال الفنية سفيرة للصوت الفني الصحراوي الأصيل. وستتواصل سهرة اليوم، بدار الثقافة لولاية أدرار تنظيم لقاءات شعرية، وعروض فنية تندرج أغلبها في إطار إحياء شهر التراث العالمي الذي يمتد كل سنة من 18 أفريل إلى 18 ماي، وهو ما يحرص عليه مدير دار الثقافة ينينة عبد الكريم، على تقديمه طوال احتفائهم بهذا الحدث الثقافي الهام.