إن ظاهرة الغلو من المظاهر التي تصيب بعض الناس فيتجاوزون الحد، وهؤلاء قد يكون منهم من يريد الوصول إلى الأكمل لكنه ضل الطريق. ومن السُّنة المشاهدة في دنيا الناس أن أمثال هؤلاء ينقطعون كما قال الإمام ابن حجر رحمه الله: “لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلاَّ عجز وانقطع فيُغْلَب”. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الدين يسر، ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه”. وقد دفع الشيطان أمثال هؤلاء إلى طريق الغلو والتشدد حين علم منهم قوةَ إقدام وشجاعة فانحرف بهم عن طريق الجادة. إن دين الله تعالى واحدٌ، وهو دين الإسلام، وهو بين الغلو والجفاء، وقد حذر النبي صلى الله عليه و سلم من الغلو فقال: “إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”. ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بحال النفر الذين قال بعضهم: لا أتزوج النساء. وقال بعضهم: لا آكل اللحم. وقال بعضهم: لا أنام على فراش. عندئذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني”. بل قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “هلك المتنطعون”. قالها ثلاثًا.. أفلا يدل ذلك على خطورة الغلو والتشدد؟.