يحدث أن تأخذ الحمية المتعصبة للأهل وذوي القربى مناحي خطيرة، لا سيما في حالات الشجار وتغيب عن المواقف التي تستوجب الحضور كالمرض والعوز أو ما شابه، أما في الشجار فالكل مستعد وترى كل طرف يسارع للاستنجاد بذويه، سواء كانوا آباء، إخوة أو أصدقاء أو من باقي المعارف والأهل، ليجد الجميع أنفسهم في الأخير متورطين في قضايا الضرب والجرح العمدي أو التخريب وحتى القتل. قضايا كثيرة من هذا النوع تعود في كل مرة لتدرج أمام أروقة العدالة للفصل فيها وغالبها من تلك التي يتورط فيها الأشقاء اللذين بدل أن يتحلى ولو واحد منهما برجاحة العقل تجده مندفعا أكثر من أخيه للانتقام في حالات كان تغليب العقل فيها سيغني الجميع من متاهات عدة، وهو ذات الأمر الذي ما يمكن أن يستشف من إحدى القضايا التي فصلت فيها محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء البليدة أدين فيها شقيقان “أ.ع” و”أ.ن”، بالسجن النافذ لست سنوات لارتكابهما جناية الضرب والجرح العمدي المؤدي إلى عاهة مستديمة، فيما استفاد 3 من أقاربهما بحكم البراءة لعدم ثبوت أدلة مادية ضدهم. سجلت مصالح الدرك الوطني بأولاد فايت في سبتمبر 2009 بلاغا من شخص أخبر عن تعرض شقيقه “م.ن” للضرب والجرح العمدي بواسطة أسلحة بيضاء على مستوى الرأس، ويقبع بمستشفى بني مسوس بعد أن دخل غيبوبة بسبب إصابة خطيرة في الرأس، مصرحا بأن الحادثة وقعت عقب نهاية مقابلة كرة القدم التي جمعت الفريق الوطني بنظيره الزامبي، حيث كان شقيقه الضحية جالسا بمقهى طريق الإذاعة ببلدية أولاد فايت، فتقدم منه أبناء عائلة “أ” ومن بنيهم المتهم “أ.ن” وقاموا بضربه بعنف. وهو نفس ما صرّح به الضحية بعد تحسن طفيف في حالته، حيث أكد أقوال شقيقه موضحا أن المسمى “أ.ن” ضربه بعصا خشبية على الرأس قبل أن يباغته شقيقه الأخير والمتهم في قضية الحال بضربة ثانية على الرأس ولكن باستعمال قضيب حديدي هذه المرة ما أسقطه أرضا؛ ليتناوب الإثنان على ضربه ما جعله يخفي رأسه بين ذراعيه قبل أن يتلقى ضربة أخرى على مستوى الطحال ليغمى عليه من شدة الألم. أما باقي المتهمين فقد اعتدوا عليه بالعصا، ما كلّفه جراء هذا الاعتداء الوحشي عمليتين جراحيتين الأولى على مستوى الطحال والثانية على مستوى الرأس. وبالمقابل، نفى المشتبه فيهم التهم المنسوبة إليهم، في حين صرح المتهم الرئيسي أنه بتاريخ الوقائع كان على متن سيارته متجها من أولاد فايت نحو حي بورجو، وتوقف لشراء قارورة ماء قبل أن يقوم الضحية بسبه وشتمه دون سبب، ما جعله يدخل في شجار معه، مقدما رواية أخرى جاء فيها أن أقرباء الضحية كانوا هم من بادروا إلى ضربه، مشيرا إلى أنه لم يضرب الضحية على الرأس إلا بعد أن حاول هذا الأخير ضربه ما جعله ينزعها منه ويرد له الصاع صاعين قبل أن يفر هاربا. فكان فرارا من حقيقة الوقائع التي اقتنعت بها هيئة المحكمة ونطقت بمقتضاها بحكمها السالف ذكره.