اختار آلاف المصطافين إمضاء عطلتهم الصيفية لهذه السنة، بالتوجه إلى منطقة شطايبي التي تعتبر قطعة من الجنان على تراب ولاية عنابة، حيث لا يمكن اعتبار “ايربيون” التي تقع 60 كيلومترا إلى أقصى غرب ولاية عنابة لتحدها بلدية المرسى بولاية سكيكدة وشرقا مناطق سرايدي وواد العنب سوى جوهرة ساحلية صنع سحرها الفتان امتزاج زرقة مياه بحرها بطيبة أهلها وجمال مناظرها الجبلية، التي تبعث راحة استثنائية للنفس لتشفي كامل العلل. طبيعة فريدة من نوعها جعلت نابليون بوناربارت يختارها منتجعا للراحة تبقى الرمال الذهبية لشواطئ بلدية شطايبي والهدوء الذي تعيشه المنطقة من أكبر العوامل التي تستقطب أعدادا معتبرة من المصطافين، كما أن للمناظر الطبيعية النادرة، خاصة منطقة حوض السمك المحاذية للمنبع الروماني، وهي منطقة صخرية لا تختلف في شكلها عن الأحواض الصناعية، إلى جانب تواجد مغارات بحرية محددة مشكّلة من دهاليز مترامية الأطراف بين البحر والجبال، سحرها وبريقها الخاص الذي يدفع بأعداد معتبرة من السيّاح الجزائريين والأجانب لاكتشافها والاستمتاع بجمالها الأخّاذ. وقد كانت شطايبي عبر مر العصور التاريخية ملجأ للعديد من القادة والشخصيات المعروفة، حيث اختار على ترابها ووسط أزقتها العتيقة نابليون بوناباربت أن يكون له بها منزلا يأتيه للاستمتاع والاسترخاء. وعلى خطاه وخطى الكثيرين من بعده وقبله، بقيت شطايبي وجهة مفظلة للباحثين عن الاستجمام وتجديد الطاقة، حيث تشهد منطقة سيدي عكاشة التي هي عبارة على جزيرة صغيرة تقع على الحدود البحرية بين ولايتي عنابة وسكيكيدة، توافدا منقطع النظير للسيّاح يبحثون عن رؤية شروق وغروب للشمس فريد من نوعه، قيل عنه لا شبيه له في جميع أرجاء العالم، حيث تمتزج زرقة البحر بلون خيوط الشمس الذهبية عند المغيب، ليضفي لون الرمال الذهبية هو الآخر ديكورا خاصا للوحة فنية طبيعية تعجز الريشة البشرية عن محاكاة جمالها الساحر. إمكانيات سياحية طبيعية نادرة مقابل تغييب فظيع للتنمية أمام هذه الكنوز الطبيعية النادرة والإمكانيات السياحية الفريدة من نوعها تبقى البرامج التنموية الغائب الأكبر عن بلدية شطايبي، التي تفتقر بشكل كبير لتواجد منتجعات سياحية نتيجة العزوف عن الاستثمار في المجال، نتيجة تدهور الوضع الأمني فترة العشرية السوداء، كما أن لانتشار عصابات السطو والسرقة دور في تغييب الاستثمار، وعدم المغامرة في استغلال الإمكانيات السياحية للمنطقة، حيث لا زالت بلدية شطايبي تعاني من هشاشة المسلك المؤدي إليها عبر قريتي السوالم والزاوية بسبب شاحنات الوزن الثقيل التي تنقل مادة التيف لصنع الإسمنت من محجرة عين دوكارة بشطايبي. كما أن مشاريع التهيئة السياحية أصبحت خارج اهتمامات المجلس البلدي، الذي اعتبر الميزانية المخصصة للبلدية لا تكفي لاقتحام هكذا مشاريع، حيث عجزت شركات من إيطاليا، قطر، والإمارات المتحدة العربية عن تحقيقها، لتطرح علامة استفهام كبيرة تتمثل في السبب الحقيقي الكامن وراء بقاء بلدية شطايبي على حالها لأزيد من 10 سنوات كاملة، حيث لم تتمكّن جميع مساعي تغيير وضعيتها من تحقيق أي جديد بها، فرغم تنازل مجمع أرسيلور ميتال عن ثلاث هكتارات بها، غير أنه لم يتم تحقيق حلم إقامة فندق نوعي بها ولم يتم حل إشكالية الإقامة التي تعتبر أكبر العوائق التي تقف في وجه المصطافين الوافدين على البلدية، ناهيك عن افتقارها للمرافق السياحية المختلفة التي قد تصنع فرقا في أي ولاية ساحلية أخرى. كراء المنازل وهجرتها صيفا السبيل الأوحد أمام سكانها يعمد سكان بلدية شطايبي إلى هجرة مساكنهم صيفا، وعرضها للكراء مقابل مبالغ مالية تكون أحيانا خيالية، حيث صرحت مصادر عليمة ل”الفجر” أن مبلغ كراء شقة من ثلاث غرف قد يصل إلى 4 ملايين لمدة خمسة عشر يوما، فيما يفوق كراء فيلا مثلا مبلغ ال 8 ملايين، وهذا ما يعتبره سكان شطايبي صفقة مربحة تمكّنهم من تحصيل مبلغ مالي محترم مقابل عرض إقامتهم لفترة قصيرة للكراء. في هذا السياق، فقد أكدت مصادر “الفجر” أن الحصول على شقة من غرفتين أو ثلاث غرف في شطايبي أمر صعب للغاية في هذه الآونة، بسبب انتهاء فترات الكراء، بحكم اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث يبقى شهر جويلية كله محجوزا لدى زبائن تعودوا على إمضاء العطلة الصيفية بشطايبي قادمين حتى من ولايات ساحلية مجاورة كجيجل ووهران، من جانب آخر تبقى البرامج التنموية خارج قطاع السياحة هي الأخرى نقطة سوداء بسبب تعطل مشاريعها، بل وانعدامها في بعض الأحيان، فسكان شطايبي حسب تصريحاتهم يعتبرون أحياء أموات وسط تغييب شبه كامل للتنمية الحضرية والتهيئة العمرانية التي جعلت من المنطقة مساحة ريفية لا أكثر ولا أقل، وما تصنيف وزارة الداخلية شطايبي كأفقر بلدية على المستوى الوطني خلال 9 سنوات، إلا دليل على الوضع التنموي المتأخر جدا، والذي ألقى بضلاله على وضعية المنطقة التي لا زالت على حالها منذ سنوات.