منذ 50 سنة سمعت جدتي رحمها الله تقول: "من ضاع ماله، ضاع عقله"! تذكرت هذه الحكمة وأنا أتابع ما يحدث في سوريا.. وكيف أضاع الأسد عقله!؟ لأنه أحس بأن سوريا شعبا وأرضا أصبحت ملكه ورثها عن أبيه في أربع دقائق بعقد وثقه له برلمان البعث! ويحس الأسد أن سوريا كملكية خاصة له تريد أن تضيع منه! ولهذا طار عقله! والمشكلة ليست فيما يفعله الأسد بشعب سوريا الآن بل المشكلة هي كيف قبل الشعب السوري بأن يرثه هذا الشاب الأرعن قبل 10 سنوات كما يرث ضيعة تشرين صاحبها.. ويتحول الشعب السوري إلى جواميس في ضيعة! لقد رأينا كيف نصّب بشار رئيسا لسوريا وهو في سن الاحتلام! وكانت تلك الصور أشد ألما من صور الجثث التي ينشرها الأسد الآن في شوارع سوريا! السوريون الآن يموتون من أجل حريتهم وكرامتهم.. وكان عليهم أن يفعلوا ذلك قبل 10 سنوات على الأقل.. هم الآن يواجهون رئيسا فقد عقله ولكنهم يصنعون بدمائهم مستقبل سوريا الحديثة! ألم يقل شاعر العرب أحمد شوقي وهو يصف نكبة دمشق الأولى على يد الاستعمار: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرّجة يدق! سلي من راع غيدك بعد وهنٍ أبين فؤاده والصخر فرق؟ السوريون الذين يواجهون الآن نظام الأسد الذي حول سوريا إلى "معرة الأسد" وليست معرة النعمان! هم أشرف ما في الذي يطلق عليه الربيع العربي لأنهم جعلوا من قضيتهم مع النظام قضيتهم وحدهم.. ورفضوا أي صورة من صور التدخل الأجنبي. نعم أنتم بالفعل أحرار سوريا.. تريدون تحرير بلدكم من ظلم برك على صدر بلدكم كالفقر 40 سنة كاملة.. فواصلوا تحرير بلدكم بأنفسكم.. فحتى ولو كانت فاتورة الحرية التي ستدفعونها غالية فحرية سوريا تستحقها! يا أحرار سوريا.. لا يشرفكم أن يناصركم في كفاحكم النبيل عملاء وأقنان العالم العربي ببيان أو مسيرة.. فصمت العرب على معرة بشار في سوريا هو حماية لمعرات عربية أخرى.. فلا تبتئسوا من هذا الصمت! حرروا بلدكم بأيديكم وبدمائكم.. واعزلوا عنكم تجار الصالونات وثوار فنادق 5 نجوم الذين قد يتاجرون بدمائكم! قضيتكم عادلة.. وثورتكم شريفة.. فلا تلوثوا سمعتها ببيانات عملاء الجامعة العربية من أمثال عمرو موسى ونبيل العربي.. وكل أقنان الجامعة العربية! وكل امتداداتها في الحكام والشعوب! أنتم أشرف حركة فلا تلوثوا أنفسكم بهؤلاء.. واتركوا ذلك للأسد وزبانية المعرة المحيطين به!