اضطرت بعض النساء ممن دفعتهن الحاجة إلى الخروج للعمل بحثا عن الاسترزاق إلى التضحية بوظيفتهن الطبيعية المتمثلة في تربية الأطفال، وهو الأمر الذي دفع بعضهن إلى ترك فلذات أكبادهن في أيادي حاضنات أوبدائل أمهات، للتكفل بهم طول فترة غيابهن عن المنزل. وإذا كان تأمين العيش يفرض على الزوجة الخروج إلى العمل لمساعدة الأسرة، إلا أنه في الوقت نفسه يوقعها في مشكلة أكبر، وهي رعاية الأطفال والاهتمام بتربيتهم، ما قد يسبب لهم مشكلة عاطفية وحرمانا أسريا. يساهم خروج المرأة إلى العمل في حل الكثير من المشاكل المادية، خاصة إذا كان الرجل فقط هو الذي يؤمن متطلبات العيش الضرورية، حيث تقع الزوجة الأم في حيرة شديدة عند خروجها إلى العمل لصعوبة الاختيار بين العمل خارجا ورعاية أطفالها، فتجد نفسها بين ضغوط استقلالها المادي وتحقيق شخصيتها وضغوط واجباتها ومسؤولياتها تجاه فلذة كبدها. ‘'الفجر'' قامت باستطلاع ميداني لنساء عاملات يقمن بترك أطفالهن لمربيات من أجل رعايتهم، حيث تقف المرأة حائرة أمام مجموعة من الأسئلة الصعبة التي تراودها في حياتها. ومن أكثر الأسئلة صعوبة، خاصة بالنسبة للأمهات، هل الالتحاق بمناصب الشغل أفضل أم البقاء في المنزل لرعاية الأطفال؟ تحدثنا مع سيدة تعمل موظفة بإحدى شركات التأمين، قالت إن عملها في الخارج ساعد على تحسين مستوى معيشتها ماديا، كما جدّد لها طاقتها لتربية أولادها وهي تتمتع بنفسية مرتاحة بعيدة عن الملل اليومي، ‘'إلا أنني أحس أحيانا ببعض التقصير في منح أبنائي بعض العطف والحنان''. من جهة أخرى، تقول معلمة في السلك الابتدائي، إن عملها بالمدرسة لوقت كبير جعلها تشعر بالملل وأصبحت تعامل أطفالها كما تعامل تلاميذها بالقسم، رغم أنها تغمرهم بحنانها وعطفها، حسبما قالت. وفي سياق متصل لا يمكن التشكيك في كون كل أم ترغب في البقاء داخل المنزل لمتابعة أطفالها وهم يكبرون يوما بعد يوم، ومشاهدتهم وهم ينطقون بالكلمات الأولى ويحاولون تعلم المشي، حيث تحس الأم بسعادة غامرة وهي تقوم بإزالة الأوساخ والبقع التي تعلق بملابس الأطفال وهم يمارسون ألعابهم الطفولية البريئة.ومن المكونات الضرورية للنمو الصحي السليم للطفل هو أنه يحتاج إلى الرعاية والدفء من طرف أبويه، خاصة الأم التي تلعب دورا مهما في حياته، فالمربيات قد يقمن برعاية الطفل وحضانته، إلا أنهن لا يحملن العواطف نفسها التي تحملها الأم لطفلها. وتضيف المتحدثة أنها بالرغم من توفيرها لكل متطلبات أطفالها، إلا أنها تحس بالتقصير تجاههم وحرمانهم من الدفء العائلي، فالأم هي الوحيدة القادرة على إعطاء الطفل الصغير الحب والرعاية في الشهور الأولى من عمره. بالإضافة إلى ذلك، نرى أنه في بعض دور الحضانة تشرف حاضنة واحدة على مجموعة كبيرة من الأطفال، وإذا نظرنا إلى الوقت الذي تستغرقه الحاضنة في رعاية كل واحد منهم نكتشف أن الوقت الذي تقضيه مع الطفل الواحد ضئيل للغاية، بينما يحتاج الطفل لاستثمار أكبر قدر من الوقت في رعايته وتوفير العناية له.من جهة أخرى، أصبح العثور على مربية أطفال حقيقية أمرا صعبا، حيث تقول سيدة إنها قامت بإحضار عدة مربيات إلى بيتها لرعاية أطفالها، إلا أنها تصطدم في كل مرة بمغادرتهن لأسباب تجهلها، رغم أنها تقوم بدفع مبلغ شهري مرتفع، إضافة إلى أنها تعطيهن كامل الثقة للتصرف في المنزل بحرية. وعن الثقة تقول إحدى السيدات إنها عند عودتها إلى المنزل تكتشف أن إحدى المربيات قامت بالتفتيش في خزانة غرفة النوم قصد العثور على النقود أو ما شابه ذلك، أو سرقة المواد الغذائية الموجودة في المطبخ، بالإضافة إلى القضايا والمشاكل التي قد تتسبب فيها المربية في المنزل، مثل العدوانية تجاه الطفل في المنزل، كترك الأطفال يبكون لساعات طويلة دون إسكاتهم، وقد تلجأ إلى طرق كثيرة لجذب انتباه رب الأسرة. كما تغتنم بعض المربيات فرصة غياب الأهل عن المنزل للقيام بأعمال مخلة بالحياء!