مجلس الوزراء يكتشف ماء الإعلام من جديد! هذا ما يمكن أن نصف به اجتماع مجلس الوزراء الأخير الذي طال واستطال في النقاش ليخرج بقانون إعلام عضوي قيل إنه إصلاح لوضع الإعلام! الفرق بين القانون العضوي وغير العضوي هو أن القانون العضوي يصادق عليه البرلمان بثلثي الأصوات في حين لا يشترط في القانون العادي أي غير العضوي المصادقة بثلثي الأصوات.. بل يشترط حصول الأغلبية في الموافقة وفقط. ومن الناحية العملية هل القانون الحالي الذي تمت الموافقة عليه سنة 1990 بأغلبية بسيطة من برلمان نسبة الشرعية فيه أعلى من البرلمان الحالي "أقل عضوية" من القانون القادم الذي سيقره رهط من النواب بعضهم زورت انتخاباته وبعضهم الآخر اشترى مقعده في البرلمان بالمال السياسي المسروق بصورة أو بأخرى؟! هل العضوية المنصوص عليها في الدستور بالنسبة للقوانين العضوية لها علاقة بالشرعية وقوة الشرعية أم لها علاقة بأعداد النواب المصوتين وليس بشرعيتهم؟! لا شك أن برلمان مطعون في شرعيته لا يمكن أن يشرّع قوانين عضوية وإلا لماذا إجراء الإصلاحات أصلا إذا كان ما هو قائم شرعي ويمثل الشعب بهذه الصورة التي تنشرها الإصلاحات.. ويعطي قوانين شرعية؟! المضحك أيضا في مجلس الوزراء الأخير هو إنشاء هيئتين لضبط السمعي البصري والصحافة المكتوبة، إضافة إلى فتح مجال السمعي البصري! والحقيقة أن هذا يعد دلالة على أن مجلس الوزراء لم يقرأ أعضاؤه قانون الإعلام الحالي! لأن قانون الإعلام الحالي فيه السمعي البصري مفتوح وسلطة الضبط كانت موجودة وهي المجلس الأعلى للإعلام.. وقد عطل المجلس وعطلت عملية توزيع الذبذبات لإنشاء المؤسسات السمعية البصرية في بداية التسعينيات بقانون الطوارئ الذي جمد الأوضاع الإعلامية في هذا المجال.. ولعل عدم رفع حالة الطوارئ كان أحد أسبابه هو عدم فتح الإعلام السمعي البصري.. لكن بعد رفع حالة الطوارئ معناه العودة بالعمل وفق القانون الذي جمده قانون الطوارئ! لكن الحكومة أخرجت حيلة القانون العضوي لتلتف على القانون القائم والذي فيه من الحريات ما يكفي في الأمور الأساسية. هكذا أصبحت إذن إصلاحات سنة 2011 في مجال الحريات الإعلامية لا ترقى حتى إلى إصلاحات سنة 1990! الطريف في الأمر أن القانون العضوي القادم يقترح علينا إصدار قانون آخر غير عضوي للسمعي البصري كي تتم عملية فتحه! وهذا معناه تعليق العملية حتى "ينور" الملح!؟ مصيبة البلاد أنها تحت سلطة لا تستحيي من استغباء الناس بعمليات التسويف والهف! لو كانت السلطة جادة في الإصلاح لقامت بحذف المواد المجرّمة للصحافيين من قانون الإعلام الحالي وباشرت عمليات تطبيقية في مجال السمعي البصري وسلطة الضبط وكفى!