لم تعد مسألة انتشار الأسلحة وحدها ما يشكل هاجس مجلس الأمن الذي دفعته الأخبار الأخيرة الواردة من ليبيا بخصوص اكتشاف مخازن للأسلحة الكيماوية في ليبيا تعود إلى عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، إلى المصادقة على مشروع قرار يدعو إلى منع انتشار الأسلحة الليبية، ويحذر من احتمال وقوع الأسلحة الليبية في أيدي جماعات متشددة وانتشارها في منطقة شمال إفريقيا وخارجها. وأشارت تقرير أمريكية صدرت أمس الأول إلى أن فرنسا وحلفاءها يتنافسون فيما بينهم من أجل احتكار عقود صفقات بناء أسطول جوي حربي ليبي وإعادة تسليح الجيش الليبي بما يضمن إحكام قبضة السلطات الليبية الجديدة على الأمن في المنطقة. واعتبر مجلس الأمن أن انتشار الأسلحة الليبية في المنطقة يهدد الاستقرار في المنطقة بأكملها. كما كلف مجلس الأمن لجنة العقوبات ضد ليبيا التي تم تشكيلها تنفيذا للقرار الدولي رقم 1973 حول ليبيا، بتقديم اقتراحات مفصلة بشأن التصدي لهذا الخطر، بالتعاون مع هيئات مكافحة الإرهاب الأممية الأخرى. تأتي هذه التحذيرات في وقت تأكد عجز السلطات الليبية على جمع الأسلحة المنتشرة “بكثرة” في يد الجماعات المتطرفة وحتى لدى المواطنين الذين يرفضون تسليم أسلحتهم بحجة أن الأمن لم يستتب بعد في البلاد، كما أن قرار حلف الناتو إنهاء مهامه في ليبيا، ترك فراغا أمنيا “خطيرا” في ليبيا، سيما وأن الجيش الليبي الجديد لا يملك ما يكفي من المعدات العسكرية لتأمين مجاله الجوي وحتى البري، وهو ما يؤكده عمر الحريري عضو المجلس الانتقالي عن الجيش الوطني الليبي، الذي قال إن الحرب أدت إلى تدمير 90 بالمئة من سلاح الجو الليبي والترسانة العسكرية الليبية. وقال الحريري مداخلة تلفزيونية عربية له أمس بخصوص الوضع الأمني وانتشار السلاح في ليبيا: “الأسلحة منتشرة لدى المواطنين والمجلس العسكري يحاول جمعها، غير أن الحرب الليبية دمرت 90 بالمئة من السلاح الجوي، بينما لا تزال تنتشر وبشكل خطير الصواريخ المحمولة لدى شرائح كبيرة من الشعب الليبي”. ودعا قرار مجلس الأمن الذي وافق عليه المجلس الذي يضم 15 دولة بالإجماع، السلطات الليبية إلى التعاون مع منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية لتدمير ما تبقى من مخزونها من الأسلحة الكيماوية. وطلب المجلس من طرابلس أيضا وضع الأسلحة في المخازن تحت الحراسة اللازمة والوفاء بالتزامات ليبيا الدولية في مجال الرقابة على أسلحة الدمار الشامل ونزعها ومنع انتشارها. وأكد مجلس الأمن الدولي في القرار على أن انتشار الأسلحة الليبية “قد يذكي أنشطة إرهابية منها أنشطة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. ووسط هذه المعطيات أكدت تقارير أمريكية أن الدول الغربية تضغط وبشكل تنافسي من أجل أن تحتكر صفقة إعادة بناء الجيش الليبي، الذي بات يعد أضعف الجيوش الإفريقية، بعد تدمير الأسطول العسكري الليبي، وهو ما يجعل من مهمة قادة ليبيا ما بعد القذافي أكثر صعوبة وحساسية، ليس فقط على المستوى الداخلي وحتى المستوى الإقليمي من خلال موازين القوى،.وأشار التقرير في هذا الصدد أن فرنسا تسعى لإعادة إحياء صفقات السلاح التي تعود إلى عهد نظام القذافي. ويعتبر رفض القذافي تمرير صفاقات السلاح الفرنسي واختيار الروسي بديلا أحد أسباب احتضان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لثورة 17 فيفري الليبية التي أطاحت بالقذافي. إلى ذلك، طرح أندرس راسموسن، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” عرضا على القيادة الليبية أن يكون هناك شراكة بين الناتو وليبيا الجديدة، وقال راسموسن، في مؤتمر صحفي مشترك بطرابلس مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، مصطفى عبد الجليل، إن الأمر متروك للقيادة الليبية ومدى حاجتها إلى مثل هذه الشراكة، وإذا ما طلبت ليبيا من المؤكد أن الناتو سينظر إلى طلبها بشكل جاد وستدخل ليبيا ضمن عمليات الناتو المستقبلية كما دخلت دول عربية أخرى ضمن عمليات الناتو السابقة. ... وأمريكا تواصل المراقبة الجوية في ليبيا بعد انتهاء مهمة الناتو قالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إنها ستواصل القيام ببعض مهام المراقبة الجوية في الأجواء الليبية خلال الفترة المقبلة، حتى بعد انتهاء مهمة حلف شمال الأطلسى رسميًا، وقال جون كيربى، الناطق الرسمى باسم البنتاغون، في تصريحات بثتها، أمس وسائل الإعلام الأمريكية: “إن ما ستقوم به واشنطن سيكون نوعا من أنواع المراقبة الجوية لبعض الوقت، ونحن نعمل مع الحلفاء في الناتو على هذا الأمر”.