فاتورة الكهرباء شبح يطارد العائلات الجزائرية التي تتذمر لمجرد رؤيتها، كما يتبرأ الكثير من المواطنين من الرقم الإجمالي المدون فيها، فيلجؤون إلى استعمال حيل يدوية للتقليل من حجمها، في حين يتواطؤ بعض رجال الأعمال وأصحاب الشركات مع بعض أعوان سونلغاز للتهرب من دفع القيمة الحقيقية لفاتورة الكهرباء. كثيرا ما نسمع في نهاية كل ثلاثي عبارات متنوعة “جاءتك فاتورة الكهرباء؟”، “كم المبلغ” وغيرها من العبارات التي تصب في معنى واحد هو استهلاك الكهرباء، وتخصص له الأسر ميزانية خاصة ضمن مصاريفها، فالبرغم من اختلاف طرق استهلاكها على حسب احتياجات كل بيت، يبقى تسديد ثمن الفاتورة شيئا إلزاميا على رب العائلة الذي تعطى له مهلة دفع مدتها 15يوما، وفي حالة عدم دفعه للمبلغ تقطع عنه. ولتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع ارتأت “الفجر” القيام باستطلاع آراء البعض في كيفية التعامل مع استهلاك الكهرباء في المنازل. أولياء متذمرون.. وأبناء غير مبالون ينزعج بعض أرباب العائلات من رؤية مصابيح إضاءة الغرف مشتعلة، أو يتذمرون من رؤية بعض الأجهزة الكهرومنزلية كالمسخنات والمدفآت الكهربائية التي تشغل بواسطة الكهرباء، حيث يعتبرون هذه الأخيرة من أكثر الوسائل أوالأجهزة استهلاكا للطاقة، وفي هذا الإطار قال السيد (ل.ن)، موظف بإحدى الشركات، إنه يتقاضى أجرا بسيطا بالكاد يكفيه لمصروف بيته، مشيرا إلى أنه يقتصد في استهلاك الكهرباء في بيته “خوفا” من الفاتورة. وهناك من الأشخاص من يوجهون بعض الملاحظات لأبنائهم لتجنب الاستهلاك المفرط في الكهرباء.. كإشعال مصابيح الإضاءة في الغرف أواستعمال مجفف الشعر.. وهو ما لمسناه عند سميرة، طالبة جامعية، التي قالت إنها تستعمل مجفف الشعر أثناء غياب والدها عن المنزل. أما صباح، ماكثة بالبيت، فإن والدها ينزعج من رؤية جميع أضواء الغرف مشتعلة، وبالتالي فهو يصرخ عليهم طوال النهار..! حيل يدوية لتفادي فاتورة غالية يستعمل البعض ممن لا يطيقون دفع الفاتورة حيلا يدوية بسيطة لا تكلفهم سوى كيس ملح أو قطعة معدنية، وقد تصل إلى نزع كابل العداد وإرجاعه عند اللزوم في حالة حضور عون سونلغاز لتفقده، من أجل تدوين حجم الاستهلاك. وفي هذا الشأن أعرب العديد ممن تحدثنا إليهم عن استعمالهم لهذه التقنية، من أجل تفادي تسديد مبلغ كبير قد يصل إلى المليون سنتيم. .. وآخرون يقتنون العداد الخاص لتفادي المشاكل العائلية قد يحدث العداد المشترك في العائلات الكبيرة بعض المشاكل والنزاعات التي تصل إلى حد نشوب عراك بسبب فاتورة الكهرباء، خاصة عندما يمتنع شخص عن الدفع أويدفع شخص مبلغا كبيرا يتجاوز حجم استهلاكه اليومي، وفي هذا الإطار قال محمد، موظف بسلك التعليم، إنه يقطن رفقة إخوته الثلاثة في بيت واحد، فيتقاسم معهم ثمن الفاتورة بالتساوي، رغم أنه لا يمتلك أجهزة كهرومنزلية كثيرة كالتي يمتلكونها.. من جهته، قال السيد (ي.ن)، موظف بشركة عمومية، إنه لجأ إلى اقتناء عداد خاص ليضبط حجم استهلاكه للطاقة وكذا لتفادي المشاكل العائلية التي تنجم عن ذلك. وهناك من يرجع سبب غلاء فاتورة الكهرباء إلى عدم تدوين حجم الاستهلاك في الوقت المناسب، ليتصاعد المبلغ ويجد المواطن نفسه مجبرا على تسديد قيمتها و إلا تقطع عنه الكهرباء، وهو ما جاء على لسان سمير، تاجر حر، يقوم شخصيا بتدوين حجم الاستهلاك في ورقة في كل شهر وينقلها إلى مصلحة تسديد الفواتير الخاصة بسونلغاز القريبة من مسكنه، لتحدد هذه الأخيرة القيمة الإجمالية للدفع. أصحاب شركات يتهربون من دفع الفاتورة بتواطؤ من أعوان سونلغاز أكد مصدر من مؤسسة سونلغاز أن المستوى المعيشي للأسر الجزائرية يحول دون تسديد بعض المصاريف كالكراء أو تسديد فاتورة الكهرباء والماء، في حين يتهرب البعض من دفع الفاتورة، ككبار الأعمال أو أصحاب المؤسسات والشركات الذين يتواطؤون مع بعض أعوان سونلغاز، حيث يدفعون لهم “عمولة” مقابل التستر على الفواتير وإعطائهم مهلة للدفع على المدى الطويل من أجل تجنب دفع مبالغ طائلة تقدر بالملايين، حسب محدثنا. وعن سبب عدم تنقل مدون حجم الاستهلاك في العداد الكهرباء إلى بعض المنازل، قال ذات المصدر إن هناك جملة من الأسباب تحول دون ذلك، من بينها أن هذا الأخير يتنقل بحسابه الخاص لإنجاز مهمته دون توفير سيارة الخدمة، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأحياء الشعبية يصعب الدخول إليها دون حماية، وهو الأمر الذي جعل أعوان سونلغاز يتجنبون الدخول إليها، مضيفا أن هناك بعض الأشخاص لا يدفعون ثمن الفاتورة في وقتها المحدد، وبالتالي تتضاعف قيمتها ويجدون أنفسهم في مأزق الدفع المتراكم. وقدم مصدرنا بعض النصائح البسيطة لتجنب استهلاك أكبر قدر من الطاقة، على غرار نزع كابل الكهرباء من الأجهزة الكهرومنزلية في حالة عدم استغلالها. كما نصح محدثنا بضرورة اقتلاع المقابس الكهربائية قبل النوم مباشرة، حيث 8 ساعات من استعمال الأجهزة ليلا تساوي ساعة واحدة من استهلاك الكهرباء نهارا، إضافة إلى التخلص من الثلج المتراكم في البراد الذي يضاعف من حجم استهلك الطاقة ثلاث مرات.