ها نحن نواجه من جديد نفس المعضلة التي واجهتها البلاد سنوات التسعينيات، أمام تعاظم مدّ التيار الأصولي، ومن جديد يجد التيار الوطني مستقبله في المحكّ، ليس لأن قوة الإسلاميين تضاعفت، بل بالعكس تناقصت بأزيد من عشرين مرة مقارنة بما كانت عليه سنوات التسعينيات، بل لأن دور التيار الوطني والأحزاب التي تنعت نفسها بالديمقراطية، تمر هي الأخرى بانتكاسة وتراجعت قوتها ولم تعد قادرة على تعبئة الجماهير. فلماذا مثلا، لا ينسحب كل من بلخادم وأويحي بدورهما من التحالف الرئاسي ومن الحكومة ويكرّس كل منهما وقته وجهده لحزبه، فالأول يعيد إلى جبهة التحرير قوتها ومكانها ويلملم صفوفها المتشتتة بفعل التصحيحيات المتعاقبة، وإن فشل فليترك المكان لمن هو أكثر قوة منه على تعبئة المناضلين وتتوفر فيه الصفات القيادية التي لم تتوفر في بلخادم، لأنه يبدو أن بلخادم اليوم، مكلف بمهمة قبر الأفلان وإرساله إلى المتحف استجابة لمطالب البعض.. ولماذا لا يذهب أويحي هو الآخر إلى حزبه الذي هو في حاجة اليوم إلى عمل دؤوب لمواجهة الإسلاميين المدعومين اليوم بالخارج ويغدق عليهم الخارج المال والتأطير؟ فالأرندي الذي ولد من رحم الأزمة وجاء ليسد الفراغ الذي تركه أفلان بلخادم المتحالف وقتها مع الإسلاميين، مطالب اليوم من جديد برص صفوف مناضليه حتى وإن تطلب الأمر التفرغ نهائيا للحزب لأن الرهان القادم رهان مصيري ليس بالنسبة للحزب فقط وإنما للدولة الوطنية ككل. فأبو جرة لما يهدد بالانسحاب من التحالف الذي حققت فيه الحركة مكاسب لم تكن لتحلم بها، يدرك جيدا أن الرهان الحالي مصيري ويريد حسم المعركة حتى قبل أن يحمل الآخرون السلاح، فلماذا لا يحذو أويحي وبلخادم حذوه، لأنه إذا ما استمر الوضع على حاله فإنه ليس أبو جرة وحده من ينتصر على جبهة التحرير، بل حتى جبهة تواتي ستقضي عليه بالضربة القاضية، وحسب تواتي فإن جبهته تضم اليوم أكثر من 120 ألف مناضل متواجد في كل جهات الوطن ويعقد يوميا اجتماعات مع مناضليه ويقوي من صفوف حزبه وهو ما لم يفعله زعيم الحزب العتيد، الذي لم يجد ما يسد به رمقه إلا التوسّل إلى الرئيس ويعلن أنه مرشحه للرئاسيات القادمة. حدة حزام