تتملكك الدهشة وأنت تتجول في معرض من تراب وطين، تشعر بالطبيعة تحيط بك من كل جانب، تشم رائحة التراب الذي يقول لك “أنا بعضك”، تدرك تماماً أنه معرض حداثي، والتوجه في إيجاد هذا المعرض من طرف وزارة الثقافة ليس يعني البتة مرورا تاريخيا وتوقفا عن حالة بدائية.. على العكس التراب والطين هو “الديزاين” العالمي المفضل بعد كبت الإسمنت على سقف الحياة. في وسط المعرض تتواجد أنواع مختلفة من الرمل وبألوان متباينة من الأبيض إلى الأحمر والأسود، وتدرجات كثيرة للأصفر. يقول القائم على الزيارات أن جميع هذه الألوان من الرمل جلبت من عرق واحد في صحراء تيميمون.. تتذكر القصور كقصر موغل ببشار وتخبئ لون الصحراء في قلبك. أزيد من 300 صورة فوتوغرافية بأحجام مختلفة ومن أنحاء العالم، تقرب بيوت الطين والتراب من خلال تصوير جوي في الغالب تجعلك تقف أمامها، لاسيما الصور الخاصة بالهند وبمالي التي تحتفل بعيد سنوي لطلاء مسجد دحني، بعض التزينات الجدارية المنجزة بالتراب والطين لكل من كاي تنتانا وأدوغو أستيا، وكذا هاوص زندر. الجزائر موجودة بصور خاصة بقصور تماسين بورڤلة، الغوفي بباتنة، وموغل ببشار، وغيرها من إنجاز المصور قيس جيلالي.. بعض الآلات اليدوية الخاصة بضغط الطوب من أجل عمليات البناء، كذلك يضم المعرض آلة أنتجتها الشركة الجزائرية للعتاد والأشغال العمومية الوطنية بإمكانها إنتاج 2000 طوبة تراب مضغوطة في اليوم الواحد. يضم المعرض أيضا جناحاً خاصا بالكتاب الخاص بالعمارة الترابية، حوالي 300 من نوعية الكتب الفاخرة لاحتوائها على صور توضيحية، والتي تؤكد بالفعل اهتمام العالم بالعمارة الترابية، حيث نقرأ إن الاهتمام العالمي بالعمارة الترابية سنة 1981 عندما كلفت الولاياتالمتحدةالأمريكية المهندس حسن فتحي، بإنجاز قرية بالطوب في أبيكيو بالمكسيك، هذا المهندس المصري الذي تمكن من نقل روح الطوب إلى أبيكيو، يقول في أحد حوارته ما يلي:”طريق الواجب مستقيمة وطريق الجمال ملتوي”. ولعل الدافع لقول ذلك أن العمارة الطوبية نشأت وفق نظام اجتماعي تكافلي معروف عندنا في الجزائر ب”التويزة”، وربما أيضا يختلط ذلك مع معنى الاحتماء من الحر والبرد.. لايزال المعرض طويلاً ومدهشاً بغرف العرض السمعي البصري لأنواع العمارة الترابية في العالم، التي تعتمد على الفيديو لتقريب زوايا العمارة الترابية للجمهور، بالإضافة إلى قاعة عرض لفلمين وثائقين من إنجاز فرانسوا لوبايون تحت عنوان “ثورات التراب” و”الثياب الجديدة للتراب”.