ظهر الرئيس التونسي المؤقت، المنصف المرزوقي، في موقف المسؤول السياسي الناصح والموجه لنظرائه في الجزائر حول مسألة التعامل مع الأحزاب الإسلامية، معربا عن رفضه لما "تعرضوا" له في التسعينيات. ففي سياق دفاعه عن الأحزاب الإسلامية التي صعدت إلى الحكم في الدول العربية التي أطاح "الربيع العربي" بأنظمتها، في كل من بلاده والمغرب ومصر، انتقد المرزوقي رفض الجزائر حكم الإسلاميين مباشرة بعد إقرار التعددية السياسية في الجزائر، ودعاها إلى تقبلهم وعدم التصدي لهم مستقبلا، في إشارة منه إلى تمكينهم من الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة، كما كشف عن زيارة مقبلة إلى الجزائر، في إطار جولة تقوده إلى المغرب وموريتانيا. وقال الرئيس التونسي إنه "يجب تقبل حكم الأحزاب الإسلامية وعدم التفكير في منعها والتصدي لها كما حدث في الجزائر" في تسعينيات القرن الماضي، ما أغرق البلاد في دوامة من العنف، مضيفا "لو أن الجزائريين تركوا المجال للإسلاميين في الوصول إلى السلطة لما سالت تلك الدماء الغزيرة ولما أزهقت تلك الأرواح". وواصل المرزوقي مرافعته لصالح الأحزاب الإسلامية، فقال عنها إنها "لم تستنكر ما تحصلت عليه شعوب الربيع العربي من مكتسبات وحريات، وخاصة فيما يتعلق بحرية المرأة ودورها الفاعل في المجتمع"، موضحا أن مواطني الدول التي أطاحت بأنظمتها السابقة "أدركت أن الإسلام يمكنه أن يقدم حلولا لمشاكل العصر ولذلك وصل الإسلاميون إلى السلطة"، وتابع أن "هذا السبب هو ما جعل الإسلاميين في مصر وتونس والمغرب يفوزون بالانتخابات". ووفقا لما نقلته مواقع إخبارية من تصريحات المرزوقي في ذات النقاش، أفصح الرئيس التونسي عن رؤيته لمستقبل اتحاد دول المغرب العربي في ظل التطورات الجديدة التي لحقت بالمنطقة، حين صرح "أن الاتحاد المغاربي ماكينة معطلة ويجب أن تفعل"، وأنه سوف يبحث في أثناء زياراته المقبلة إلى كل من الجزائر والمغرب وموريتانيا في آلية تفعيل هذه "الماكينة"، مبديا تفاؤله من هذه المسألة بالقول "إنني واثق بأنني سوف أجد لدى القادة المغاربة تفهما وحرصا مماثلا على تفعيل هذا العمل"، كما شدد المرزوقي على أن مشكلة "الصحراء الغربية" التي مثلت العائق الأكبر أمام انطلاق الاتحاد المغاربي يجب تجاوزها ووضعها جانبا في المرحلة المقبلة. وانطلاقا من الدعوة التي وجهها الرئيس التونسي للجزائر بخصوص الإسلاميين، سيكون المنصف المرزوقي مطالبا بشرح موقفه إلى السلطات الجزائرية في زيارته المرتقبة إلى الجزائر خلال الأيام المقبلة، خاصة أن رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، كان واضحا في مسألة الإسلاميين في خطابه الأخير لدى افتتاحه السنة القضائية، حين قال إن الجزائر لن تكرر ما عاشته في الماضي وإنها ليست بحاجة إلى أخد دروس من الآخرين، وهي بالتالي ليست في حاجة إلى نصيحة المنصف المرزوقي، ما يعني أن الجزائر والقيادة التونسيةالجديدة غير متفقين حول هذه المسألة، وإن الجزائر لن تقبل تدخل تونس في شؤونها السياسية الداخلية.