أعلن وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، أن مجلس الوزراء سيقرر ما إذا كانت ستستأنف الاجتماعات السياسية والاقتصادية والعسكرية مع باريس، بعد قرار المجلس الدستوري الفرنسي رفض القانون الذي يعاقب على إنكار إبادة الأرمن الذي تسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين. ووصف أوغلو حكم المجلس الدستوري الفرنسي بأنه إيجابي قائلا "آمل أن يتعلم الجميع الدروس الضرورية من هذا". وردا على سؤال بشأن ما إذا كان التطور الأخير سيؤدي لاستئناف الاتصالات مع فرنسا قال أوغلو إن الحكم لا يزال حديثا وسيبحث موضوع العقوبات مع رئيس الوزراء والرئيس ومجلس الوزراء. واعتبر أنه سيشكل اجتهادا قضائيا من الآن فصاعدا في ما يتعلق بمحاولات سن قوانين بشأن التاريخ. وأضاف "نأمل أن يستخلص أولئك الذين يسعون إلى تحقيق أهداف سياسية عبر التلاعب بتاريخ المجتمعات درسا من ذلك". واعتبر الوزير أن القرار سيضع حدا ل"حالة سلبية" بين فرنسا وتركيا، ولكن سيكون له "تأثير" على العلاقات التركية الأرمينية التي هي قريبة من الحياد، وذلك جزئيا بسبب خلاف بشأن قضية الإبادة الجماعية للأرمن. ورحبت وزارة الشؤون الخارجية التركية بالقرار، ودعت فرنسا من الآن فصاعدا إلى تبني مقاربة بناءة وعادلة وقائمة على أساس علمي بشأن تاريخ العلاقات بين تركيا وأرمينيا من أجل "تشجيع التوصل إلى حل بدلا من تعميق المشاكل". وكانت تركيا قد استدعت سفيرها من باريس مؤقتا وجمّدت التعاون السياسي والعسكري بين البلدين، ردا على تمرير القانون. يذكر أن البرلمان الفرنسي أقر في 23 جانفي القانون الذي يجرم إنكار كون قتل الأرمن في العام 1915 إبادة جماعية، لكن أكثر من 130 مشرع فرنسي من مجلسي البرلمان ينتمون لمختلف الأطياف السياسية طعنوا أمام المحكمة قائلين إن أحداث عام 1915 ما زالت محل جدل بين المؤرخين وإن تجريم إنكار وقوع إبادة جماعية هناك يعرض حرية التعبير للخطر. وقد اتهمت تركيا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بمحاولة كسب أصوات 500 ألف أرمني في فرنسا في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى على جولتين، في 22 أفريل والسادس من ماي المقبلين. لكن الحزب الاشتراكي الذي يحظى بالأغلبية في مجلس الشيوخ أيد التشريع الذي طرحه حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي ينتمي إليه ساركوزي. ويؤيد مؤرخون وبرلمانات قول أرمينيا إن نحو 1.5 مليون من الأرمن المسيحيين قتلوا في شرق تركيا في الحرب العالمية الأولى في سياسة إبادة جماعية متعمدة أمرت بها الحكومة العثمانية. في المقابل، تقول تركيا إن كثيرين قتلوا من الجانبين في القتال مع الأرمن الذين دعموا القوات الروسية الغازية. وقد انهارت الإمبراطورية العثمانية بعد انتهاء الحرب، لكن الحكومات التركية المتعاقبة والأغلبية العظمى من الأتراك يشعرون بأن تهمة الإبادة الجماعية إهانة لبلدهم. وفور الإعلان عن قرار المجلس الدستوري، كلف الرئيس الفرنسي الحكومة بإعداد نص جديد. وقال بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية إن ساركوزي "أوعز للحكومة بإعداد نص جديد، مع أخذ قرار المجلس الدستوري في الاعتبار". وتعترف تركيا بمذابح الأرمن التي وقعت بين 1915 و1917 وتتحدث عن 500 ألف قتيل سقطوا في الأراضي التي كانت خاضعة لإدارة الإمبراطورية العثمانية، لكنها ترفض تعبير الإبادة الجماعية، في حين يتحدث الأرمن عن مقتل 1.5 مليون شخص في إبادة جماعية.