عرض، نهاية الأسبوع، بقاعة الموڤار الفيلم الوثائقي ”مسلمون في بلاد موزار” للمخرجة راضية بولمعالي، الذي استعرض وضعية الجالية المسلمة في بلاد النمسا المبنية بالدرجة الأولى على حوار الديانات، وركز العمل على العديد من النماذج التي أبرزت انسجام الديانات في فيينا، وغيرها من الامتيازات التي يحظى بها مسلموها مقارنة بمسلمي أوروبا. ويدخل العرض في إطار الأيام الثقافية النمساوية المشاركة في تظاهرة ”تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”، حيث قدّم الفيلم نظرة أخرى للإسلام وتواجد المسلمين بالنمسا على اعتبار القوانين والتشريعات الخاصة التي تعمل في إطار الاعتراف بمختلف الديانات السماوية، خاصة منها الدين الإسلامي الحنيف الذي يعتبر حضوره قويا بالنمسا بوصفه الديانة الثانية، وجاء تفسير ذلك في الفيلم لكون النمسا دولة غير لائكية بصفة تامة، الأمر الذي فتح المجال أمام الجالية المسلمة للعيش في ظروف أفضل من تلك التي يعيشها المسلمون في بلدان أجنبية أخرى، ومنحهم حق الاستفادة من حقوق عدة منحتهم العيش بكرامة في النمسا، وهو ما أهّل فيينا لأن تكون العاصمة النموذجية الأولى التي يتجلى فيها الاندماج الحقيقي للمسلمين في أوروبا بأكملها. وأوضح العمل أن بداية اهتمام السلطات النمساوية بالجالية المسلمة جاء مع صدور قانون 1867 الذي ينصّ على حرية الاعتقاد في الإمبراطورية النمساوية، حيث استطاع المسلمون تشييد أول مسجد لهم بالنمسا سنة 1878، كما تدعّم القانون سنة 1908 بتقديم قانون مكمّل يقضي بالاعتراف بالإسلام كديانة رسمية لكنه لم يصدر إلا سنة 1912. وأبرز الشريط الوثائقي أن القانون كان استجابة لدعوات مسلمي البوسنة والهرسك. ورغم أن النمسا فقدت مسلميها بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن القوانين بقيت سارية، واستفاد منها المسلمون الذين هاجروا إليها بعد الحرب العالمية الثانية، والفارّين من الحكم الشيوعي في يوغوسلافيا، وكذا عرب الشرق الأوسط فترة الستينيات وغيرهم. واعترف أنس شقفي، الرئيس السابق للجمعية الثقافية لمسلمي النمسا - كما جاء في الفيلم - بوجود 200 جمعية إسلامية تعمل تحت راية الجمعية الثقافية بوصفها الطرف المعترف به من قبل الدولة.