عندما يصيبني "القرف" السياسي مما يحدث في التشريعيات الجزائرية أمتع نفسي بمشاهدة المسلسل المصري الفكاهي حول الرئاسيات المصرية وكتابة دستور مصر من طرف التيار الإسلامي وحده! أو محاولة الإسلاميين فعل ذلك لوحدهم لأنهم أغلبية تأسيسية في البرلمان! ما يثير الضحك في موضوع كتابة الدستور المصري هو أن أحد الزعماء الإسلاميين الذين لهم الباع الطويل في كتابة الدستور المصري قد تم استبعاده من سباق الرئاسيات لأن أمه المتوفاة تحمل الجنسية الأمريكية! هكذا تصبح رئاسة مصر أهم من دستور مصر في تقدير خطورة الأجانب عن مصر! أن يكتب الأجانب دستور مصر أمر جائز وأن يترشحوا لرئاسة مصر فهذا خطر! لكن الأطرف من هذا كله أن حوالي %50 من المرشحين الأساسيين للرئاسيات المصرية يثار حولهم لغط بخصوص علاقتهم أو علاقة أصولهم بالجنسيات الأجنبية! واحد أمه أمريكية والثاني والده سوري والثالث يحمل الجنسية القطرية والرابع قيل إنه يحمل الجنسية الفرنسية والخامس قيل إنه مرشح أمريكا وإسرائيل! الغريب في كل هذا أن المصريين يملأون الدنيا صياحا حول حب مصر من طرفهم حتى يخيل للمرء أن ليس هناك أي شعب في العالم يحب بلده مثلما يحب الشعب المصري بلده! ومع ذلك نرى مثل هذا الهروب للنخب المصرية نحو جنسيات أخرى حتى ولو كانت هزيلة مثل الجنسية القطرية! لجنة انتخابات الرئاسة في مصر من خلال بياناتها دللت على أنها لا تستحق أن تشرف على الرئاسيات المصرية.. ما دام جل المرشحين لهم مشاكل تتعلق بالجنسية الأجنبية حتى خيل لي بأن الأممالمتحدة هي الأحق بالإشراف على الانتخابات الرئاسية المصرية لأن المرشحين من جنسيات أممية متعددة! عمرو موسى مرشح فرنسي لأنه يحمل جنسية فرنسية أو أن أحد أفراد عائلته معه الجنسية الفرنسية.. وخيرت الشاطر خريج سجون.. ومرشح السلفيين أمه أمريكية ومرشح آخر والده سوري! ومرشح آخر يحمل الجنسية الفخرية القطرية! ترى كيف يمنع من الترشح من تحمل والدته الميتة الجنسية الأمريكية ولا يمنع من يقال صراحة إنه مرشح أمريكا وإسرائيل؟! أمريكا ترشح لمصر رئيسا مسألة عادية أما وأن تعطي الجنسية الأمريكية لوالدة مترشح فهذا معرة وقبح يعاقب عليه القانون! كل المرشحين للرئاسيات المصرية لهم علاقة ما بالخارج.. ترى من هو إذن مرشح الشعب المصري؟! لا شك أنه لم يبق في السباق الرئاسي سوى ذلك المواطن الذي قال إنه يترشح لأنه "خَوَلْ"! مرشحو التيار الإسلامي قدموا للرأي العام المصري على أنهم ملائكة رشحهم للرئاسة المصرية الشيطان الأكبر أمريكا! ومرشح النظام البائد والأمن عمر سليمان قدم للرأي العام على أنه مرشح الشياطين في الداخل فهو سليمان الجنون الأمنية والفلول المباركية! خيرت الشاطر لا يجوز أن يترشح لأن مبارك سجنه ولم يعف عنه والقانون الظالم يطبق حتى في غياب مبارك.. وعمر سليمان ذراع مبارك الأمين يترشح ولا غبار على ترشحه! إنني فعلا أستمتع بالمتناقضات في متابعة أخبار الرئاسيات المصرية لأضحك حتى تسيل الدموع عندما تؤزمني أخبار الهزال والقرف السياسي الحاصل في التشريعيات الجزائرية؟!