مستثمرون يخافون الإشاعة، شركات تستنجد بالخزينة والبنوك، وعائلات لا تؤمن بمبدأ الادخار تشهد سوق البورصة في الجزائر عزوفا كبيرا من طرف المتعاملين الخواص ورجال المال والأعمال، رغم الدعوات الموجّهة لها من قبل شركة إدارة بورصة القيم والحملة التي باشرها المدير العام لبورصة الجزائر شخصيا، مصطفى فرفارة، لدعوة المتعاملين إلى دخول السوق الوطنية. أكّد الخبير الإقتصادي، بشير مصيطفى، أن غياب روح المغامرة واقتصاد المخاطرة لدى الشركات الخاصة في الجزائر وانعدام فكر الادخار لدى المواطنين وراء فشل تجربة البورصة التي لا ينتمي إليها إلا متعامل خاص واحد ومجموعة من الشركات العمومية، في الوقت الذي أنشئت هذه السوق عبر كافة أنحاء العالم لجلب القطاع الخاص وليس المتعاملين الحكوميين. وقال مصيطفى، في اتصال مع “الفجر”، أن السوق الجزائرية لا تتضمن مؤسسات خاصة وإنما بضعة شركات متوسطة وصغيرة، وهو ما يجعل البورصة تلقى عزوفا كبيرا، لاسيما أن هذه الشركات تأبى المخاطرة وتتخوف من الإشاعات التي تقف غالبا وراء خسائر بالملايير للمساهمين في ظرف بضعة سويعات بسبب كذبة من المنافسين لا أساس لها من الصحة، كما أن إشاعة إيجابية قد تكون لها نتائج عكسية، حيث تتمكن الشركة من تحقيق أرباح قد تتجاوز عشرات الملايير في ظرف وجيز بسبب ارتفاع قيمة الأسهم في السوق. وأوضح ذات المتحدّث أن الأسباب التي تقف وراء مقاطعة البورصة الجزائرية من طرف المتعاملين الخواص وجعلها حكرا على القطاع العام، رغم الدعوات الموجّهة لها من قبل المسؤولين، هو غياب القطاع الخاص في الجزائر وجعله حكرا على بضعة مؤسسات صغيرة ومتوسّطة، إضافة إلى انعدام روح المخاطرة والشراكة لدى رجال الأعمال وسيادة فكر التملّك، ناهيك عن انتشار عقلية التحالف بين كبار المتعاملين العامين الذين يسيطرون على السوق الوطنية، وهو ما يجعل المتعاملين الخواص يتخوفون من دخول البورصة. وانتقد، في سياق ذي صلة، مصيطفى سياسة الحكومة القائمة على التمويل عبر الخزينة للقطاع العام والبنوك للقطاع الخاص، وهو ما يجعل الناشطين في السوق الوطنية يفضلون الابتعاد عن اقتصاد المخاطرة ويلجؤون لضخ السيولة عبر النظام المصرفي. ودعا نفس الخبير البورصة إلى ضرورة توعية المواطنين بأهمية اعتماد مبدأ الادخار وسط العائلات، وهو ما سيجعل هذه الأخيرة تتوجة بالضرورة إلى البورصة للاستثمار في أموالها ويشجّع الشركات الخواص للمغامرة عبر رحلة مليئة بالمخاطرة والربح. وكانت قد واجهت شركة أوراسكوم تيليكوم، في البورصة المصرية، خسائر بالجملة منذ بداية السنة بسبب الإشاعات الصادرة في الجزائر عن فرعها جازي، وهو ما جعل أسهمها تنخفض خلال الفترة الماضية بشكل قياسي وكبّدها خسائر بالملايير في ظرف بضعة أشهر، حيث قرر المساهمون رفع دعوى قضائية ضد أطراف مجهولة حاولت التلاعب بالقيمة المالية لأسهمها في البورصة. كما رفضت عدد من المؤسسات الناشطة في السوق الوطنية سواء الخاصة أو العامة، على غرار بريد الجزائر، دخول هذا المجال بسبب التخوف من الإشاعات التي قد تكبّد هذه المجموعات خسائر بالجملة رغم التسهيلات التي باشرتها البورصة مؤخرا في مجال إجراءات التسجيل والاكتتاب. تجدر الإشارة إلى أن “بورصة الجزائر” كانت قد راسلت منذ مدة 40 شركة خاصة، تؤكد لها من خلالها إمكانية دخولها البورصة منها 10 شركات راسلتها خلال 2012، في الوقت الذي أعلنت 5 شركات وطنية نيتها رسميا في دخول هذه السوق والمتمثلة في “رويبة” “دانون”، “نجمة”، “سلامة للتأمينات”، و”الصومام” منذ أزيد من سنتين دون فائدة.