رغم الرفض الذي يبديه البعض لارتباط الزوج بأخت الزوجة المتوفية، كنتيجة لخروج العديد من الأسر من دائرة التقاليد والأعراف التي كانت تعتبر هذا الصنف من الزواج أحد الطقوس التي لا تداس، غيرأن هذا النوع من القران يبقى خيارا للعديد من الأرامل، حتى في المدن الكبرى وخارج الدواوير والمداشر، قناعة منهم أنه الحل الأمثل للحفاظ على مصلحة الأبناء وعدم قلب حياتهم رأسا على عقب، من خلال المغامرة بالزواج بامرأة غريبة قد”تهجّرهم” من البيت. قد يضطر الرجل بعد وفاة زوجته إلى التفكير في الزواج مرة أخرى حفاظا على أسرته، فيبدأ البعض رحلة البحث عن أم بديلة للسهر على تربية الأطفال، فيما يجد البعض الآخر نفسه مضطرا لتلبية أوامر الآباء أو التقيد ببعض الأعراف والتقاليد المتوارثة عن الأجداد. وفي هذا الشأن ارتأت “الفجر” أن تسلط الضوء على الموضوع وتقف أمام بعض الآراء. “كلام الناس” قد يكون عائقا عن الارتباط من الحالات التي وقفنا عندها أن نظرة البعض لزواج الرجل بأخت زوجته يطغى عليها نوع من الحساسية، خاصة إذا قورنت بزواج الأخ من زوجة أخيه المتوفى. وفي هذا الإطار قالت جميلة، متزوجة من أخ زوجها، إن عائلة زوجها تكن لها كل محبة والتقدير لدرجة أنها لم ترضى مفارقتها بعد وفاة ابنها وقررت تزويجها من ابنهم الثاني. من جهته قال سمير، موظف بشركة خاصة:”نظرة المجتمع في بعض الأحيان تكون قاسية لدرجة التأثير في رأي المرأة ومنعها من الارتباط بزوج أختها”. .. وأخريات لايمانعن أن يكنّ الصدر الحنون من خلال حديثنا مع بعض الفتيات وجدناهن لا يمانعن من الارتباط بزوج الأخت، خاصة إذا تعلق الأمر بتربية الأولاد، حيث تعتبر الخالة بمثابة الوالدة ولا يوجد فرق بينها وبينها الأم، وهو ما جاء على لسان صباح طالبة بالثانوية التي قالت “إن الخالة بمثابة الصدر الحنون للأبناء وهي أولى من الغريبة، فللضرورة أحكام، ولا يوجد أنسب منها في أن تحل مكان شقيقتها”. من جهتنا حاولنا أن نقف على مختلف الآراء المؤيدة والمعارضة لفكرة الارتباط بزوجة الأخ، وفي هذا الإطار أجمع الكثير ممن تحدثنا إليهم أنه لابد أن تجسد الحرية الشخصية لكل شخص وعدم الانسياق وراء العاطفة، وهو ما أخبرنا به محمد، موظف بإحدى الشركات.. أخوه توفي في حادث سير تاركا وراءه ثلاثة أطفال، مضيفا أنه بعد مرور خمسة أشهر وجد نفسه مضطرا للزواج بأرملة أخيه غصبا عنه، بعد إلحاح والده لحماية أبناء أخيه من التشرد”. وفي هذا الشأن كان للأخصائية الاجتماعية، تيجاني ثريا، رأي، حيث أفادت هذه الأخيرة “أن الخالة بمثابة الأم الثانية كونها ليست غريبة على أبناء أختها، معتبرة “الزواج بأخت الزوجة أو بأخ الزوج يغلب عليه الطابع الإنساني والعاطفي أكثر من كونه ارتباطا بعقد شرعي”، مشيرة إلى أن هذا الزواج قد يوفر جوا أسريا بهيجا باحتوائه على مقومات البيت الأصلي الذي تملأه المودة والرحمة”. وفي السياق ذاته أضافت محدثتنا:”مثل هذا الزواج كان يحدث بكثرة في بعض المناطق والقرى التي ترفض دخول شخص غريب إلى الدار، حيث يصر الوالد أوكبير العائلة على التمسك بكنته وعدم السماح لها أن تغادر بيتها بحجة الأولاد، أوبمعنى أصح البقاء تحت مظلة العائلة، غير أنه الآن أصبح شائعا بكثرة في المجتمعات الكبرى، مضيفة أنه لا يمكن الحكم على هذه العلاقة بالنجاح أو الفشل، وإنما يمكن القول إنه مستحب خاصة من ناحية الأم”. من جهته كشف عبد الكريم ليشاني، إمام وأستاذ معتمد ورئيس مكتب الثقافة والإعلام بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الجزائر، أنه لا مانع من الزواج بأخت الزوجة المتوفاة من الجانب الإنساني، كونها أفضل أم للأبناء من أي امرأة غريبة، مشيرا إلى أنه لا حرج في الزواج منها بعد وفاة الزوجة من الناحية الشرعية، وإنما المانع الشرعي في حالة بقائها على قيد الحياة أو لا تزال في عصمة زوجها، استنادا إلى قوله تعالى في آية المحرمات في سورة النساء {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما}.