قالت صحيفة "لوكنار أونشيني" الفرنسية في عدد الجمعة، إن لإمارة قطر يد فيما يجري في منطقة الساحل، وفي القضية المالية تحديدا، لأن هذه الدويلة تسعى ليكون لها دور وتأثير في هذه المنطقة، ولذلك فهي تمول الانقلابيين وتدعمهم بالسلاح والإعلام.. وعندما تقول صحيفة فرنسا قولا كهذا على أمير قطر، الذي هو صديق لفرنسا، وله معها مصالح اقتصادية واستثمارات كبيرة، فإننا لا يمكن أن نكذب هذا. لكن التساؤل الذي يجب طرحه هنا: ما الفائدة التي تجنيها قطر من وراء خلط أوراق منطقة الساحل؟ المنطقة التي لم تقدر أمريكا ولا فرنسا على السيطرة عليها، وكل من دخلها دفع ثمنا باهظا، فهل تنجح قطر حيث فشل الجميع؟ إذا كنا تفهمنا تدخل قطر في كل من تونس وليبيا وسوريا، واعتبرنا المحاولات التي قامت بها في هذه البلدان مقبولة بحيث تبحث هذه الدولة، ربما من باب مركب نقص ما، عن لعب دور يرفعها إلى مصاف الدول الكبرى، واعتبرنا هذا ذكاء من قيادتها، لكن ما تقوم به الآن في مالي وفي منطقة الساحل، لا يمكن إلا وصفه بالتهور السياسي، لأن قطر إن فعلت ستخسر الكثير وستتلقى الكثير من الضربات، سواء على يد الجزائر أو على يد الماليين أنفسهم، أو ربما أيضا على يد الفرنسيين، لأن مجرد فضح نوايا قطر في المنطقة في صحيفة فرنسية هو في حد ذاته إعلان حرب إعلامية على الإمارة، ما يعني أن فرنسا لم يرق لها تدخل قطر في مجال حيوي مازالت تعتقد أنه مجالها بدون منازع. ثم إن كان الأمير يعمل من أجل إمارة أو بالأحرى خلافة إسلامية في منطقة الساحل ثم تمتد لتكون خلافة شاملة مثلما كانت أيام العهد العثماني، ومثلها هي الموضة اليوم في الوطن العربي بعد أحداث الربيع المزعوم، فإن قطر ستكون أولى الخاسرين بإقامة الخلافة، لأنها هي الأولى التي ستمحى من الخارطة السياسية وتذوب في الخلافة، وإذا كان يبحث عن إقامة دولة بالمفهوم التقليدي للدولة، فإنه لن يضيف شيئا للواقع، سوى أنه سيزيد من ضعف دولة مالي بتقسيمها إلى شطرين، وإن كان يريد من وراء هذا التدخل إزعاج الجزائر، التي لم ينجح في قلب نظامها بحلفائه من الأحزاب الإسلامية التي راهن عليها في الفوز بالحكم، فإنه لن يحرك "شعرة" من رأس الجزائر، لأن الجزائر بقوتها لم تكن تخيفها مالي الموحدة، فما بالك عندما تكون هذه مقسمة إلى شطرين! لا أعرف إن كان أمير قطر يستعين بمستشارين، لأنه هذه المرة لم يشيروا عليه بما يعود عليه بفائدة، بل دفعوا به إلى "مشنقة" حقيقية، لا فرنسا ولا أمريكا، ولا حتى الجزائر سيسمحون له بلعب دور في الساحل وسيدفع الثمن لا محالة.