اختارت قيادات الجبهة التحريرية بيت مراد بوقشورة، الكائن ببلدية رايس حميدو في العاصمة، ليحمل بعدها اسم “منزل اجتماع الستة”، شهد ميلاد ثورة التحرير العظمى بعد أن قاموا بهندسة مخططات الثورة، تاريخ انطلاقها وساعته، قادتها والمناطق العسكرية. وبالرغم من عظمة تاريخه يظل البيت يعاني تهميش المسؤولين، وانتهازية المالكين. بيت بوقشورة مراد الواقع برايس حميدو غرب العاصمة، كان شاهدا على التحضيرات الأخيرة لتفجير ثورة الفاتح من نوفمبر، والتحديات والعقبات الكثيرة التي واجهت كلا من محمد بوضياف، ومصطفى بن بولعيد، وديدوش مراد، درابح بيطاط، والعربي بن مهيدي قبيل الوصول إلى إعلان الثورة ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم. منزل شهدت جدرانه نهاية مرحلة تاريخية قاسية، وبداية مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والشجاعة، بعدما اختاره 5 من عظماء قادة الوطن ليكون شاهدا على نية الثورة. لم يكن بيت مراد بوقشورة مجرد مكان اجتمع فيه قادة جبهة التحرير الوطني بصفة سرية لمناقشة بعض الشؤون الوطنية العالقة، بل كان فجر ميلاد ثورة التحرير المجيدة التي أعطى الزعماء الستة إشارة انطلاقها، من خلال إعلانها باسم جبهة التحرير الوطني، وإعداد نص بيان أول نوفمبر بعد مراجعته، وكذا تحديد منتصف ليلة الاثنين موعدا لانطلاق الثورة في الداخل وخارج الوطن. كما تطرق القادة الستة إلى مراجعة تقسيم المناطق العسكرية للوطن والتدقيق في اختيار قادتها. بالرغم من جهود مراد بوقشورة الرامية إلى الحفاظ على بيته التاريخي كرمز للتضحية والنضال الوطني، وحتى يبقى راسخا في أذهان أبنائه وأحفاده أن بيت أجدادهم كان شاهدا بل وعنصرا هاما في سجل الثورة التحريرية الكبرى، ومع أنه ظل مصمما على رأيه في الاحتفاظ بالبيت الذي كثرت المساومات عليه من قبل الدولة وبمبالغ مالية خيالية تتيح له الحصول على بيتين من حجمه. فبعد وفاة عمي مراد لم يتوان أولاده عن فكرة البيع، التي تشكل بالنسبة لهم فرصة لتقاسم ورثة أبيهم الوحيدة. في السياق ذاته أعرب لنا ابنه حكيم عن نيته في بيع هذا المنزل لأي راغب في شرائه، فالمهم بالنسبة له الحصول على المبلغ المالي الذي يستحقه بيت تاريخي كالذي يملكونه. البيت الذي شهد ميلاد ثورة التحرير الوطني، لا يلقى اهتماما يليق بمكانته التاريخية، حيث اقتصرت التفاتة الجهات المعنية على إعادة دهن البيت من الخارج في الأعياد الوطنية، بعد أن باءت محاولات ضمه إلى التراث الوطني بالفشل. واستنكر ملاك المنزل هذا التقصير، وراح أحدهم يقول إن مجرد وضع لافتة عند مدخل البيت تشير إلى ما حصل فيه ليلة الفاتح نوفمبر وهدا لا يكفي للتعريف به.