دعا الخبير في الشؤون الاقتصادية، بشير مصيطفى، الحكومة لمراجعة اتفاقية التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، وتوقع أن الخزينة العمومية معرضة لتحمل خسائر مضاعفة جراء تبعات الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالدول الأوروبية. وقال المتحدث، أمس في اتصال مع ”الفجر”، إن القوانين الدولية المنظمة للاتفاقات تمنح الحق للجزائر لإعادة النظر في شراكاتها الاقتصادية، إذ تفسح لها مجالا للمناورة متى تحقق الضرر للدولة المعنية. وأوضح أن التوازنات الاقتصادية تغيرت خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تداعيات الأزمة في أوروبا، ما يفرض على الطرفين معطيات جديدة للشراكة جراء تغير النتائج. وذكر مصيطفى في هذا الشأن أن الجزائر سجلت خسارة بلغت 6 مليار دولار خلال المرحلة الأولى لتطبيق اتفاق التفكيك الجمركي الممتدة ما بين 2005 إلى 2011، وأكد أن الاتحاد الأوروبي هو المستفيد الأول من هذا الإجراء حتى قبل بروز مؤشرات الأزمة في دول ما يعرف ب”الأورو زون”، لتمتد إثر ذلك إلى الباقي الدول، حيث خلّصت بنود الاتفاق المنتجات الأوروبية المسوقة في الجزائر من تحمل أعباء جبائية كانت تصب في الخزينة العمومية، في وقت حرمت الجزائر من الاستفادة من هذه الميزات بسبب عدم قدرة المنظومة الاقتصادية على إنتاج سلع تسوق في دول الاتحاد الأوروبي. وشدّد الخبير الاقتصادي على أن السلطات العمومية مدعوة تبعا للمعطيات المستجدة للاستفادة من الاستثناءات الممنوحة لها ومراجعة بنود الاتفاق من ناحية تطبيقاته في المدى الزمني من جهة، من أجل منح الفرصة للشركات الوطنية خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التواجد في السوق والمنافسة، فضلا عن إعادة النظر في قوائم السلع المعنية بالتفكيك الجمركي عبر ربط هذا الإجراء بالمنتجات التي تحتاجها الجزائر لتطوير منظومتها الاقتصادية في المقام الأول. وأكد بشير مصيطفى على أهمية توجه الحكومة نحو دعم الاستثمار الأجنبي المباشر المنشئ للثروة ومناصب الشغل، فضلا عن نقل التكنولوجيا في العديد من القطاعات لاسيما الصناعية منها، ودعا موازاة مع ذلك إلى تنويع الشراكات في هذا المجال من غير الدول الأوروبية، في إشارة إلى التعامل مع القوى الاقتصادية الجديدة على غرار البرازيل والدول الآسيوية والعربية كذلك، التي قال إن من شأنها تقديم نفس الخدمات والتكنولوجيا بأسعار تنافسية فضلا عن التزامها بآليات التبادل المتكافئ التي لا توفرها الدول الأوروبية. وقال المتحدث أنه على الحكومة تسهيل إجراءات الحصول على الاستثمارات الأجنبية لهذه الدول، بينما أشار إلى أن قانون الاستثمار لا يزال يعيق بعض الشراكات المنتجة، تفرض ضرورة إعادة النظر فيه وتعديله كما هو الشأن أيضا بالنسبة لقانون المحروقات الذي من المقرر أن يتم تعديله نهاية الأسبوع الجاري خلال اجتماع مجلس الوزراء، في سياق برنامج الخروج من التبعية لقطاع الريع.