حدة الاحتجاجات في تونس خلال ال 48 ساعة الماضية بما ينذر بثورة جديدة بعد أن تحولت العديد من المدن التونسية إلى بركان غضب شعبي بعد خروج المئات من المواطنين التونسيين في مدينة القصرينوسيدي بوزيدوصفاقس حتى العاصمة التونسية التي يستعد بها الاتحاد الوطني للشغل إلى الدخول في إضراب عام يتزامن مع مسيرة في ساحة بورقيبة وسط العاصمة التونسية وذلك للاحتجاج على سياسية التهميش واستمرار الأزمة الاقتصادية ومسودة الدستور الذي تعتزم الحكومة اعتماده وسط انتقادات شديدة. لم تتوقف المظاهرات في مدينة سيدي بوزيد، التي تعتبر شرارة ثورة 14 جانفي التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، ولا تزال مدينة سيدي بوزيد محطّ أنظار وسائل الإعلام التونسية التي تؤكد أن حالة من الغضب الشديد لا تزال تحيط بهذه المدينة بسبب التهميش واستمرار الأزمات الاقتصادية، كما يتهم المحتجون الذين خرجوا بقوة خلال اليومين الماضيين الحكومة التونسية التي تسيطر عليها حركة النهضة الإسلامية بسوء إدارة البلاد ويطالب المحتجون الذين اشتبكوا مع رجال الأمن بعد أن قاموا بتخريب مقر حركة النهضة ومحاولة اقتحام مبنى الولاية بضرورة رحيل الحكومة. وفي ولاية القصرين، قامت مئات أسر وضحايا ثورة 14 جانفي باقتحام مقر الولاية احتجاجا على تأخر حصولهم على مستحقاتهم المالية والتعويضات لتطالب رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي بضرورة منحهم التعويضات المالية مطالبين برحيل المسؤولين الجهويين واعتبروهم غير أمناء على مستحقاتهم المالية، مطالبين بتسليمهم حقوقهم مهددين بتصعيد تحركاتهم خارج الولاية، والتزمت قوات الأمن والحرس والجيش بضبط النفس تجاه موجة الاحتجاجات وفضلت عدم التدخل بالقوة واستعمال قنابل الغاز لفتح الطريق مثلما قامت بذلك سابقا عدة مرات واختارت امس تجنبا لتطور الوضع نحو الاسوإ ضبط النفس ومراقبة تحركات المحتجين دون التصادم معهم. كما فجرت أزمة الكهرباء والغاز، ثورة من نوع آخر في مدينة صفاقس أين عبر المواطنون عن استيائهم من عدم تمكّن الجهات المسؤولية من تأمين حاجياتهم من الماء، ولا سيّما أن الأزمة تزامنت مع حرارة فصل الصيف وشهر رمضان. كما شهدت ليلة أمس الأول مواجهات بين قوات الأمن على خلفية قطع الطريق من بعض المواطنين. كما أثارت مسودة الدستور الجديدة التي تعتزم الحكومة التونسية اعتماده، جدلا كبيرا لدى رجال القانون في تونس، نظرا لما يشير إليه الدستور الجديدة من كبح للحريات الفردية خصوصا للمرأة، فبحسب مسودة الدستور التي تحوز ”الفجر” على نسخة منها، فإن هناك العديد من القواعد التنظيمية التي تخص الأسرة والمرأة، كما قالت الأمينة العامة للحزب الجمهوري، مية الجريبي، أن حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم إلى فرض نمط مجتمعي قروسطي من خلال استهداف دور المرأة ومكانتها والتنكر لحقوقها التي تعد رمزا للمشروع الحداثي التونسي. في هذا السياق، قالت آمنة منيف رئيسة ”جمعية كلنا تونس” أن العديد من التيارات الوطنية واليسارية والعلمانية تستعد لتنظم تظاهرة يوم 13 أوت في تونس العاصمة لتوجيه رسالة إلى حركة النهضة وحكومتها مفادها أن ”التونسيين رجالا ونساء سيستميتون في الدفاع عن مكاسب دولة الاستقلال وفي مقدمتها حرية المرأة”. من جهته، أكد لطفي زيتون القيادي بارز في حركة النهضة، عضو مجلس شورى حركة النهضة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة حمادي الجبالي أن تصاعد موجة الاحتجاج في تونس تنذر بثورة جديدة، وقال في رد على تصريحات المعارضين الّذين توقعوا إمكانية قيام ثورة ثانية في تونس بعد أن فشلت الحكومة الحالية في معالجة مشاغل التونسيين: ”إن الثورة قادمة لا محالة وسيقودها هذه المرة النهضويون” وأضاف: ”المسار الثوري والإصلاحي سيتواصل ولن يتأثّر بما يقوم به البعض من مزايدات ودسّ السموم ومحاولة ثبيط العزائم” في إشارة واضحة إلى قوى المعارضة التي تطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية لإنقاذ البلاد مما يتهددها من أخطار.