يعتبر موقع منبع القردة الواقع بولاية البليدة غير البعيدة عن الجزائر العاصمة، من أهم المواقع السياحية، وهو جزء لا يتجزأ من الحظيرة الوطنية للشريعة، وإلى جانب كونه موقعا سياحيا وإيكولوجيا هاما، فهو كذلك موضوع متداول في كتابات العديد من الكتاب الفرنسيين الذين مروا به من المعجبين والمولعين به. يقع منبع القردة بولاية البليدة، على بعد 50 كيلومترا جنوب غرب الجزائر العاصمة، وبالتحديد على مستوى الطريق الوطني رقم 1 الرابط بين ولايتي الجزائر والمدية، وسط سلسلة جبلية ممتدة على عشرات الكيلومترات. وعنصر القردة عبارة عن موقع سياحي يسكن زاوية جبلية، عناصر جماليته الطبيعة المحيطة به، منها شلال مائي متدفق من منبع طبيعي يأخذ امتداده من أعالي الجبل الذي ينزوي فيه الموقع وزوايا عديدة تشكلت في قلب كل ركن من أركان الجبل، بفعل الحفريات التي شكلتها وتفننت في صنعها مختلف الظواهر الطبيعية التي عرفتها المنطقة مع تقدم الزمن، وهي زوايا يتخذها السياح للجلوس والتمتع بالمناظر الخلابة المحيطة بهم. ويستمد منبع القردة تسميته من ثنائية لفظية مركبة، هي المنبع والقردة، ويمثل اللفظ الأول المنبع المائي المتدفق من أعالي الجبل والثاني قردة الماغو المحمية عالميا، والتي اتخذت من المكان موطنا لها تستقبل فيه الزوار الذين يقصدون المكان من أبعد المسافات.. وتحول الموقع بفعل أهميته الإيكولوجية وقيمته الجمالية والسياحية وحتى التاريخية، إلى مقصد هام للعديد من السياح الأجانب والمحليين ويحظى بمكانة هامة، خاصة في قلوب الأجانب الذين زاروه، إلى درجة أنه تحول إلى موضوع هام في كتابات بعض الكتاب الفرنسيين، الذين عرفوا المنطقة سواء خلال مرورهم بها أو خلال تواجدهم بالجزائر أثناء فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. كما يعتبر من المزايا التي تتسم بها قلعة "الشفة" الساحرة، فوجوده يحظى باهتمام كبير من طرف الزائرين، الذين يحبذون شكلها وحركاتها وكذا أصواتها التي تحدث صدى في غابات الشفة، مما يخلق لوحة طبيعية فنية وسيمفونية جميلة تمتزج فيها أصوات قردة "الماغو" وزقزقة العصافير وهدير الشلالات وهو ما يخلق جوا لطيفا وسط هذه الغابات التي تستقطب كما هائلا من الزوار، لاسيما العائلات العاصمية التي تأتي رفقة أطفالها لتكتشف سحر هذه الفسيفساء الطبيعية، وتستمتع برؤية القردة التي يبدو أنها تتجاوب مع الأطفال، وهم يطعمونها حبات الموز والفستق في الوقت الذي يغتنم فيه الأولياء الفرصة لالتقاط صور تذكارية لأبنائهم، والأهم من ذلك أن قردة "الماغو" كانت ولا زالت محط اهتمام الأدباء الفرنسيين الذين إنبهروا بها خلال زيارتهم لقلعة الشفة بدليل عدد المؤلفات التي وقعها هؤلاء وكتبوها أثناء تواجدهم بالجزائر خلال فترة الاحتلال الفرنسي وبعد الاستقلال، وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على الأهمية الإيكولوجية والقيمة الجمالية والسياحية لمنطقة "الشفة"، التي تحتضن أيضا منشآت قاعدية جميلة تعود للحقبة الاستعمارية على غرار نفق السكك الحديدية المحفور في قلب الجبال وكذا الجسورالعتيقة المشيدة بشكل هندسي راق يبعث على التأمل والانبهار، إضافة إلى معالم هندسية أخرى تسر الناظر وتريح المسافر الذ يتوقف للحظات للاستراحة من عناء السفر والاستمتاع بهدوء الطبيعة وجمالها بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها.