توافد، أمس، نحو مئة ألف مؤيد للحزب الديموقراطي الاميركي إلى مدينة شارلوت، ”جوهرة الجنوب” في ولاية كارولينا الشمالية الأميركية، لمبايعة ترشح الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، وإعادة تسويق السلعة ”الأوبامية” بعد أربع سنوات على التعثرات السياسية وخيبة كثيرين من انحسار موجة ”التغيير” التي واكبت وصوله إلى السلطة. ويوجه المؤتمر الديموقراطي رسالة اقتصادية إلى الطبقة الوسطى، وأخرى اجتماعية للأقليات. أما الرسائل الخارجية فتشمل وعودا بإعادة إطلاق عملية السلام وإنهاء الحرب في أفغانستان والحفاظ على تعاون أمني وثيق مع دول الخليج العربي. وافتتح المؤتمر الديموقراطي أمس، بخطاب حماسي ألقته السيدة الأولى ميشيل أوباما ركّز على أجندة الديموقراطيين في الدفاع عن الطبقة الوسطى والعمالية، وتعزيز الاهتمام بقضايا المرأة بدرجة أكبر من الجمهوريين. لكن نجم المؤتمر، إلى جانب أوباما نفسه الذي يلقي خطاب قبول الترشح، اليوم، سيكون الرئيس السابق بيل كلينتون ”السلاح الأقوى” للرئيس الحالي نظرا لشعبيته وحضوره المحبب بين الشريحة العمالية أو ”ديموقراطيو رونالد ريغان”، والذين يترقبون كلمته اليوم إلى جانب المستقلين الذين يحنّون إلى الرخاء الاقتصادي الذي واكب ولايته بين 1993 و2000 وتدني نسبة البطالة إلى أقل من 4 في المئة. وسيحاول بيل كلينتون، في شارلوت، الدفاع عن الأجندة الاقتصادية لأوباما القائمة على زيادة الضرائب المفروضة على الأثرياء، والحفاظ على قوانين جديدة للرقابة المصرفية أقرّت بعد أزمة 2008، وتعزيز موقع الطبقة الوسطى. وخالفت هذه الأجندة اقتراحات المرشح الجمهوري ميت رومني الذي يطالب بإبقاء الإعفاءات الضريبية على الأثرياء، وإعادة تطبيق قوانين الرقابة المعتمدة قبل 2008، وإلغاء تشريعات الضمان الصحي التي أقرّتها إدارة الرئيس الديموقراطي. وفيما تعكس استطلاعات الرأي أفضلية واضحة للديموقراطيين في سياستهم الضريبية، يمنح ارتفاع البطالة إلى نسبة 8.2 في المئة وفشل أوباما في تسويق تشريعاته المصرفية والصحية، رومني تفوقا في مجال الاقتصاد. لذا يمثل المؤتمر الديموقراطي فرصة أخيرة لأوباما من أجل تسويق ”إنجازاته” قبل ثمانية أسابيع من التصويت المقرر في 6 نوفمبر. إلى ذلك، ستحظى السياسة الخارجية التي غابت عموما عن مؤتمر الجمهوريين، بحضور أكبر في المؤتمر الديموقراطي. وعكس البيان الرسمي للمؤتمر استمرار نهج إدارة أوباما في تعزيز التحالفات الدولية وخفض حجم الترسانة النووية عبر تطبيق معاهدة ”ستارت” مع روسيا، في حين يطالب رومني بإلغاء المعاهدة واعتماد سياسة أكثر تحديا للكرملين. على صعيد الشرق الأوسط، يعيد البيان التزام ضمان ”أمن إسرائيل” والتعهد بإعادة إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في إطار حل الدولتين. كما يؤكد البيان تمسك الإدارة الديمقراطية بالحفاظ على تعاون أمني حيوي مع دول مجلس التعاون الخليجي وباقي شركاء بلاده لردع أي اعتداء، ومراقبة نشاطات إيران ”المزعزعة للاستقرار”، وبناء هيكلية إقليمية أمنية لمحاربة الإرهاب والانتشار النووي والصواريخ الباليسيتية والقرصنة وتهديدات أخرى مشتركة. وكخلاصة، ستحاول حملة أوباما في شارلوت إعادة إطلاق وهج وصوله إلى الحكم قبل اربع سنوات، وتعويض خيبات التحديات التي واجهها واصطدامه بعراقيل المعارضة الجمهورية في الكونغرس. كما ستركز على جذب الأقليات، خصوصا اللاتينيين، عبر تسويق تشريعات تمنع التمييز وتمنح أفقا لإقرار قانون هجرة شامل خلال الولاية الثانية.