الربيع يقطف أزهاره في مصر وفي سوريا وفي باكستان أيضا. مصر التي لم تنته أزمتها بانتخاب رئيس إخواني، ولم تعرف ميادينها الهدوء والسلام، دخلت مرحلة جديدة وخطيرة، مرحلة غالبا ما تقود إلى ما هو أخطر، انتشار العنف والإرهاب، مثل ذلك الذي عرفته الجزائر بداية التسعينيات. ومثل الجزائر، في هذه الفترة، بدأت مجموعات "مجهولة" تستهدف ضباط الشرطة، فبعد اغتيال ضابط شرطة أول أمس، من طرف "مجهولين"، ها هي "جهات مجهولة" أخرى تختطف ضابطي شرطة أمس، بميدان الجيزة، وتسرق سلاحهما، فالأزمة الأمنية في الجزائر استهدفت أول من استهدفت رجال الشرطة باغتيالهم وتجريدهم من أسلحتهم قبل أن تتوسع إلى المثقفين والصحفيين ثم المواطنين بدون تمييز. فهل التيار السلفي المصري غير راض عن حكم مرسي، مثلما صرح أحد زعمائه في الأيام الأخيرة للصحافة؟ أم أنه تبادل أدوار بين الإخوان والسلفيين مثلما يحدث في تونس واستعانة راشد الغنوشي بشباب السلفية ليمهد له طريق السيطرة على الحكم في تونس والقضاء على التيار الديمقراطي واليساري الذي شدد لهجته مؤخرا ضد النهضة وسقطاتها؟ وفي سوريا التي لم تعد أية جهة قادرة على إحصاء ضحايا الأزمة المتشعبة الأطراف في هذا البلد الجميل، اقترف الجيش الحر جريمة بشعة أخرى بذبح فتاة في السابعة عشرة من العمر تدعى "باسكال كلود"، في حاجز على الطريق الرابط بين دمشق وحلب، وتداولت مواقع الفايس بوك صورتها الجميلة متسائلة لماذا ذبحت، هل لأنها امرأة أم لأنها مسيحية، أم فقط لأنها جميلة؟! الجريمة التي استهدفت باسكال هي الأخرى أعادت إلى الذاكرة مئات الفتيات الجزائريات اللواتي وضعت أياد آثمة حدا لحياتهن على عتبات المدارس والثانويات، وفي الشوارع وأحيانا على فراش النوم، لا لشيء إلا لأنهن جميلات ومتعلمات، طالبات أو أستاذات يحلمن بمشروع آخر غير المشروع الوهابي الظلامي الذي قتل أمس "باسكال" في سوريا مثلما قتل رشيدة وياسمين وحبيبة وغيرهن من الجزائريات المغدورات، وربما سيمتد جرمه غدا إلى جميلات أخريات في القاهرة وفي تونس، فعطشه للدماء لا يتوقف عند حد للعمر، وهذه ملالا يوسف زاي الباكستانية ذات ال14 ربيعا التي تلقت الأسبوع الماضي رصاصات في الرأس من أيدي طالبان، لأنها رفضت الانصياع لعناصرها وخرجت للدراسة والدفاع عن حق الفتيات في الذهاب إلى المدرسة والتعليم. قائمة مجازر النظام العالمي الجديد الذي اختارته أمريكا لنا ما زالت مفتوحة وسيقدم كل بلد قربانه من الضحايا مثلما قدمت الجزائر نصيبها، وما زال الخطر محدقا بنا إلى أجل غير مسمى؟!