يتقدم شبان متخرجون حديثا من المؤسسات والشركات الخاصة والعمومية من أجل نيل فرصة في الظفر بمنصب عمل يتيح لهم تحقيق الذات وإثبات الكفاءة الاجتماعية، غير أن جملة المعيقات التي تفرضها أغلب المؤسسات، على غرار شروط الخبرة والكفاءة التعجيزيين، تثني أغلب الشبان عن نيل مرادهم، ناهيك عن مسابقات التوظيف التي أضحت كابوسا لأغلبهم. مطلوب تقني سامي في الإعلام الآلي، محاسب، مندوب تجاري، حارس ومنظفة بخبرات بين ثلاث إلى عشر سنوات في المجال.. تلك هي المواصفات التي تطلبها مختلف المؤسسات والشركات على صفحات الجرائد وفي المواقع الإلكترونية كذلك. ورغم حاجة الشبان إلى العمل وكذا ارتفاع نسبة البطالة، إلا أن تلك الشروط التعجيزية المقترحة لا تلقى استحسان أغلبهم، لاسيما ما تعلق بشرط الخبرة. شرط الخبرة تعجيزي للشبان وإن كانت أصعب خطوة في سبيل الشباب المبتدئ هي الحصول على وظيفة، فإن عامل الخبرة يؤرق الكثيرين، ولا يستثني الذين أسعفهم الحظ وحصلوا على منصب عمل من تلقي صعوبات كبيرة في التكيّف مع نمط العمل، لاسيما أن الجانب النظري الذي يدرس بالجامعات يختلف إلى حد كبير عما يفرضه الواقع العملي. وهي نفس النقطة التي أثارها عدد كبير من الشبان الحاصلين على عمل من قريب، مؤكدين أن أساليب وطرق التدريس في المعاهد والجامعات لابد أن تتطور من الجانب التطبيقي الذي يجب أن يحظى باهتمام أكبر ويؤخذ بعين الاعتبار في ملف طلب العمل. المؤهلات الإضافية ضرورية للحصول على عمل تعد المؤهلات وحسن الكفاءة المهنية من أهم الشروط المطلوبة للحصول على الكثير من المناصب المتوفرة رغم بساطة الكثير منها، ما جعل أغلب خريجي الجامعات يتراجعون عن إيداع سيرهم الذاتية لدى المؤسسات، لأنهم بكل بساطة قد أكملوا دراستهم ولم يسعفهم لا الوقت ولا المناهج الدراسية لاكتساب كفاءات مهنية تعد من أساسيات شروط الوظيفة حاليا. و يقول منير، الذي أنهى دراسته قبل 4 أشهر:”رغم توفر العديد من فرص العمل للشباب من أصحاب الشهادات العلمية، إلا أن اشتراط العديد منها للشهادات الإضافية لاسيما في اللغات الأجنبية والإعلام الآلي أوحتى الخضوع إلى جملة من الدورات التكوينية في حالة النجاح في اجتياز المقابلة يعيق حصول أغلبنا على منصب شغل”. ويرجع فؤاد سبب ذلك، حسبما أكده له أحد المسؤولين عن استقبال السير الذاتية في إحدى المؤسسات الاقتصادية، إلى قصور المستوى التعليمي الجامعي الذي صار بحاجة إلى تطوير من أجل مواكبة متطلبات سوق العمل. وفي هذا السياق طرحت سهيلة، خريجة جامعية، مشكل فترة التربص التي لا تزال تلقى تهميش الكثير من الجهات المسؤولة عن التأطير وعدم اهتمامها، ما يجعل الطالب لا يتحصل ولو على جزء من الخبرة في ميدان تخصصه. من ينجح بمسابقات التوظيف ؟ يخطط الشبان لمستقبلهم وفق طموحاتهم وإمكانياتهم العلمية، فبين من قرر العمل في القطاع الخاص والعام يبحث كل هؤلاء عن فرصة لتحقيق ذاتهم وإثبات كفاءتهم. وفي السياق أشار لنا أغلبهم إلى أن النجاح في مسابقات التوظيف ليس بالأمر اليسير. ففي حين ينتظر أغلب الشبان تلك المسابقات بفارغ الصبر، إلا أنها تضم فقط عددا قليلا من المناصب إذا قورن بعدد الملفات المودعة التي تفوق الآلاف. وفي هذا الصدد يقول محمد، خريج المعهد الوطني للتجارة: “نترقب سنويا مسابقات التوظيف العمومي التي يتم الإعلان عنها عبر الصحف، لنصدم بعدد مناصب قليل جدا، مقارنة بآلاف الشبان العاطلين عن العمل، ما يجعل الفرصة ضئيلة جدا لاسيما إذا تقدم للمسابقة إطارات سبق لهم العمل في المجال، لتصبح الخبرة الحد الفاصل بين المرشحين للمنصب في كثير من الحالات”. وفي سياق متصل أثار بعض الشبان مشكلة المحسوبية والعلاقات الشخصية في انتقاء قائمة الناجحين في هذه المسابقات، حيث أكد أغلب أن تلك المسابقات لا تتعدى كونها شكلية فقط من أجل تعيين بعض العاملين الذين تم الاتفاق معهم مسبقا بناء على مصالح شخصية. ومن جهتها تقول هدى، حاصلة على ليسانس في الأدب العربي:”لقد فقدت الأمل في التوظيف بالقطاع العام بعد إن اجتزت أكثر من 4 مسابقات توظيف دون جدوى، غير أن ما يثير استيائي هو أن قائمة الفائزين بمسابقة التوظيف تكون في صالح أناس لم يملؤا حرفا من أوراق امتحانات المسابقة”، مضيفة أنها تعتبر أن تلك المسابقات ما هي إلا نوع من التلاعب القانوني، ليبقى معيار التوظيف هو المحسوبية، وهذه الحقيقة التي لا تخفى على أحد.