لم يكن يعلم الشاعر الجزائري الكبير محمد الشبوكي، أن تكون قصيدته “جزائرنا يا بلاد الجدود” أكثر الأناشيد الجزائرية تداولا بعد النشيد الوطني ولم يكن يعلم الشاعر اليافع وقتها أن قصيدته هذه ستكون بطاقة تعريفه حيثما حل وارتحل، فمحمد الشبوكي عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والمدرس بمعاهدها والناشط في صفوفه، أو محمد الشبوكي المناضل في الحركة الوطنية الجزائرية والعضو المتحمس في جبهة التحرير الوطني إبان الثورة وبعدها أو محمد الشبوكي المجاهد بالسيف والقلم والثائر ضد المستعمر الفرنسي الغاشم الذائق لعذابات السجون والمعتقلات والملاحق من طرف السلطات الفرنسية، أو محمد الشبوكي الأستاذ المتفاني في تربية نشء الاستقلال الحريص على بث حب الوطن في النفوس أو محمد الشبوكي السياسي المناضل الذي تقلد عدة مناصب محلية ووطنية وأخيرا محمد الشبوكي العضو النشط الفعال في عدة مؤسسات آخر المجلس الإسلامي الأعلى، ناهيك عن محمد الشبوكي الإنسان والمواطن الصالح الذي تمكن من مد الجزائر بأبناء صالحين عاملين على حبها وبنائها. جميع هذه الصفات تختزل عند التعريف بهذا الشاعر بعبارة واحدة: هذا صاحب نشيد جزائرنا... وإذا كانت جزائرنا هي بطاقة تعريف -وأنعم بها من بطاقة- لشاعرنا الكبير محمد الشبوكي إلا أنها حجبت وظلمت بقية قصائده وأشعاره الكثيرة التي تتضمنها مجموعته الكاملة “ذوب القلب”.. فالرجل ظل متمسكا بالشعر غير عازف عنه يكتبه في شتى المواضيع ومختلف المناسبات، غير أن جزائرنا ظلت تلك الشجرة لاتي تغطي الغابة وذلك النور الرباني الذي تخفت حياله الأضواء.. فجزائرنا إذا ظلمت محمد الشبوكي في الحالتين ظلمته حين ألغت كل التعاريف الجميلة التي ظل يحملها طوال حياته والصفات النبيلة التي رافقته مدى عمره الحافل بالنضال والعمل الدؤوب وظلمته شاعر حين حجبت بقية أشعاره.. لكن في المقابل فإن قصيدة “جزائرنا” وغيرها من قصائد شعرائنا السابقين الذين كتبوا أثناء الثورة عن الثورة ظلمت من طرف انتقاد والباحثين ولم تأخذ حقها من الدراسة الأدبية الجادة.