خلص، أمس، اللقاء الذي نظمته شبكة ”ندى” على مدار يومين بالمركز الثقافي عز الدين مجوبي بالعاصمة، حول ”دور جمعيات المجتمع المدني في الحياة العامة”، إلى ضرورة أن يتجاوز المجتمع المدني الجزائري إطار خلافاته الشخصية ودوائره الضقية إلى فضاء أرحب ويغير من استراتيجية تعامله مع مشاكل المواطن وقضايا المحيط. أكد رئيس شبكة ”ندى” المنظمة عبد الرحمان عرعار، على هامش اللقاء الذي جمع عدة جمعيات، أن اللقاء يدخل في إطار مشروع التعاون مع مؤسسة اناليد الدولية والتي تعد الجزائر من بين الدول 42 الموقعة على اتفاق التعاون في إطار الاتحاد من أجل المتوسط. ويهدف اتفاق الشراكة هذا حسب عرعار إلى ”تمكين المجتمع المدني من الشراكة مع المؤسسات الرسمية عن طريق الحوار والوقوف عند النزعات التي تعيشها المجتمعات خاصة في العالم العربي، والبحث عن سبل تجاوزها وحلها. وحسب عرعار فإن الجزائر تأخرت في تبني البرنامج الذي انطلق في عام 2005 نظرا لأولويات التي كانت يومها أمام البلد، وبعد الانضمام إلى البرنامج الذي تبنته وزارة الخارجية وتنفذه جمعيات المجتمع المدني، توجد حاليا حوالي 50 جمعية جزائرية في مختلف المجالات والتخصصات تشتغل مع المؤسسات الرسمية وتقوم على تنفيذ مشاريع مختلفة. وقد تم إسناد تنفيذ البرنامج إلى جمعية ”النجم الثقافي لاقبو بالتنسيق مع شبكة ندى”. وقد جاء اللقاء الذي جمع جمعيات مختلفة في إطار التحضير لنشاط آخر تنظمه ندى حول الهجرة السرية وهذا تحضيرا لمؤتمر مرسيليا الذي ستكون الجزائر حاضرة فيه بصفتها دولة مستها الظاهرة في ظل النزاعات الدائرة في البلدان الإفريقية وما أفرزته من مشاكل ناجمة عن الهجرة السرية من شبكات التجارة بالسلاح، المخدرات، الاختطاف، التهريب وغيرها. وقد ركز عرعار في حديثه عن دور الجمعيات في الحياة العامة على وجوب خروج المجتمع المدني الجزائري من الإطار المناسباتي إلى الاحتراف في مقاربة المشاكل الاجتماعية وقضايا الساعة، كما دعا إلى التعامل مع المشاكل التي يطرحها القانون الجديد للجمعيات بعقلانية بعيدا عن نظرية المؤامرة التي ترى في كل ما يتعلق بالخارج عدوا للمصالح العليا للبلد، داعيا في الإطار ذاته إلى تطبيق القانون في هذا الاتجاه لتكريس الشفافية وكذا التقليل من الإجراءات البيروقراطية التي تعد العائق الأكبر في عمل الجمعيات. كما قال عرعار، إنه أيضا يتحتم على الجمعيات أن تبتعد عن الأطر التقليدية في العمل التي تقتضي تمويل الجمعية، وفي المقابل قال إنه على الجمعيات أن تتبنى استراتيجية جديدة في العمل تقوم على المشاريع والدفاع عنها أمام الهيئات الرسمية التي عليها، من جهة أخرى، أن تثق في عمل الجمعيات وتجعل منها شريكا أساسيا في أي عمل تنمية. اللقاء طرح أيضا رفقة الخبراء الأوروبيين مشكلة العمل بين الشمال والجنوب، حيث اشتكت الجمعيات الجزائرية من العراقيل التي تضعها أمام السفارات الأوروبية عند السفر في إطار مشاريع التعاون مع نظيرتها في أورويا وهذا مقابل التسهيلات التي تمنح للجمعيات الشمالية الراغبة في العمل في الجنوب وأمام هذه الوضعية دعا الحضور إلى ضرورة تثمين عمل جنوب جنوب. من جهة أخرى، طرح الخبراء الأروبيون الذين حضروا اللقاء مفهوم المجتمع المدني والديمقراطية حيث أكدوا أنه لا يجب دائما الانبهار بالمصطلحات، فحسبهم المجتمع المدني والجمعيات في العالم العربي أكثر فاعلية في المجال السياسي مثلا من نظريتها الأوروبية فهتلر أسقطته الحرب وليست مظاهرات الشعوب كما حدث في العالم العربي. من جانب آخر، وفي إطار برامج التعاون بين ”أناليد” والعالم العربي خصصت برنامجين موجهين للعالم العربي الأول ”دورك” أطلق خصيصا للعالم العربي بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدة بلدان وقيمته 3 آلاف يورو موجه ل 42 دولة من موريطانيا إلى لبنان، باستثناء ليبيا التي لم توقع على اتفاق الشراكة في الاتحاد من اجل المتوسط. مدة البرنامج ثلاث سنوات تنتهي في 2014 ويهدف إلى تثمين العمل المشترك والحوار بين القوى الفاعلة في المجتمع المدني العربي. أما برنامج ”صوت الشباب” الذي خصص له مبلغ 8 آلاف يورو فهو موجه خاصة للنساء والشباب والهدف منه بناء القدرات من أجل التسيير وإنشاء مقاربات من أجل التغيير والشراكة.