هكذا اشتريت ذمم المصوتين لانتخابات مجلس الأمة بالعاصمة! خالفت نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة كل التوقعات، ولم تكن في صالح حزب جبهة التحرير الوطني رغم أنه كان المرشح الأول للفوز بأكبر عدد من مقاعد مجلس الأمة، مثلما كشف عنه أمينه العام عبد العزيز بلخادم الذي اعتمد في تصريحاته على الرقم الكبير الذي يمثله منتخبوه المحليون، فكانت الصفعة الثانية بعد تلك التي تلقاها الحزب عقب نتائج الانتخابات المحلية التي لم يتمكن الحزب من تجاوز عتبة 300 بلدية، وهو الذي وعد بفوز لا يقل عن 1000 بلدية. لم يحقق الأفلان النتائج التي كان يتوقعها في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، حيث لم يتجاوز عتبة 17 مقعدا في مجلس لأمة، رغم أنه كان المرشح الأوفر حظا بالنظر إلى عدد منتخبيه على المستوى الوطني، وترتيبه في المركز الأول من حيث عدد هؤلاء، مما يوحي بأن الأمور على تسير على ما يرام داخل هذه التشكيلة السياسية. وتمكن منافسه التجمع الوطني الديمقراطي من الفوز ب 24 مقعدا جديدا في مجلس الأمة، أي تحصل على نصف عدد المقاعد المتنافس عليها، كما كان بإمكانه احتساب مقعدي إليزي وتلمسان كون الفائزين بهما منتخبين اثنين عن الأرندي انشقا بعد رفض ترشحهما من قبل تشكيلتهما السياسية، فترشحا أحرارا فكان مقعدا الولايتين من نصيبهما. وبهذه الطريقة يكون الأرندي قد أعاد تكرار سيناريو انتخابات مجلس الأمة لسنة 2009، حيث تجاوز حينها عدد المقاعد التي تحصل عليها 20 مقعدا رغم العدد المحدود لمنتخبيه في المجالس المحلية، مقارنة بغريمه الأفلان الذي تكهن مسؤولوه باكتساح غالبية المقاعد عبر كامل ولايات الوطن، إلا أن ”الأرندي تمكن من تحقيق هذه النتيجة بالاعتماد على التحالفات التي أقامها مع العديد من التشكيلات السياسية بعضها وطنية وأخرى ولائية على غرار حزب العمال، الجبهة الوطنية للعدالة الاجتماعية، الجبهة الوطنية الجزائرية، الفجر الجديد، الحركة الشعبية الجزائرية وهي كلها تحالفات سهلت مأموريته”. كما تأكد أن الأحزاب السياسية الممثلة في مختلف المجالس المحلية أظهرت عداء كبيرا لحزب الأفلان، وهي تسير حاليا بمنطق إحداث القطيعة مع هذا الحزب السياسي، وأصبحت كل التحالفات والحسابات يتم تجسيدها من منطلق قطع الطريق في وجه الحزب العتيد أو منتخبيه، مثلما حدث في غالبية بلديات الوطن، حيث أسندت رئاسة العديد من البلديات لأحزاب سياسية فازت بمقعدين أو ثلاثة وتمكنت من كسب أصوات كل المنتخبين المحليين شريطة أن لا يرأس الحزب العتيد هذه المجالس، رغم حصوله على المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات أو عدد المقاعد. كما تمكنت بعض التشكيلات السياسية من ضمان مقاعد لها في مجلس الأمة على غرار الأفافاس الذي عاد إليه مقعدا ولايتي بجاية وتيزي وزو، وعهد 54 الذي فاز بمقعد سوق أهراس، وحزب عمارة بن يونس الذي فاز بمقعد ولاية غليزان، وجبهة المستقبل الذي عاد إليها هي الأخرى مقعد ولاية وهران، ومقعدان اثنان للأحرار. مالك رداد سعر الصوت تجاوز 20 مليون سنتيم هكذا اشتريت ذمم المصوتين لانتخابات مجلس الأمة بالعاصمة! سعت أحزاب كبيرة في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة، التي جرت، أول أمس، بالعاصمة، بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة للحصول على مقعد العاصمة لصالح مرشحيها، حيث سارعوا ومنذ الساعات الأولى لبدء عملية التصويت، في محاولة كسب ود منتخبي الأحزاب الأخرى التي لا تحوز على أصوات كثيرة تمكنها من خلق جو منافسة، بهدف قلب الموازين والظفر بهذا المقعد. وأكد عدد من المنتخبين ل ”الفجر”، التي كانت حاضرة في عملية الانتخاب أن عددا من القيادات الحزبية اشتروا ذمم ما لا يقل عن 150 منتخب من الأحزاب الصغيرة، التي جاء منتخبوها لعرض أصواتهم على من يدفع أكثر لا من أجل تقديم الوفاء والالتزام اتجاه أحزابهم. وقد وصل سعر الصوت الواحد بالنسبة لعضوية مجلس الأمة إلى 50 مليون سنتيم، تم دفع جزء منه قدر ب 20 مليون سنتيم قبل عملية الاقتراع أما الجزء الثاني فقد تم الاتفاق على دفعه بعد ظهور النتيجة. المنهج الذي سلكه هؤلاء صرفوا به الملايير، أول أمس، أمام مقر الولاية، حيث جرت عملية البيع أمام مرأى العديد من المنتخبين الذين وجدوا في هذه العملية فرصة لكسب رشوة ما دامت العملية الانتخابية تتم بسرية مطلقة ولا يمكن بأي شكل من الأشكال معرفة من وفى بالتزامه معهم ومن لم يلتزم -هذا المنهج-، سلكه أيضا أحد المرشحين الأحرار الذي حاول أن يصنع الحدث هو بدوره مادام منطق بيع الذمم هو السائد في كل عملية انتخابية عند مختلف التركيبات السياسية في الجزائر، وهو ما أفرزته الانتخابات المحلية الأخيرة التي جعلت صاحب أقل المقاعد في المجلس الشعبي البلدي يحصد الرئاسة فيما اكتفى صاحب الأغلبية بتمثيل نسبي في المجلس التنفيذي لهذه البلديات.