مرت سنتان على هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، بعد اندلاع الثورة التونسية التي فجرت من ولاية سيدي بوزيد والتي كان شرارتها الأولى شاب أحرق نفسه، ليطلق العنان لحلم الشعب التونسي بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، التي لم يتحقق منها سوى رحيل بن علي، فالمطالب الاجتماعية مازالت تؤجج الشارع التونسي ولم تتجاوز اللافتات والهتافات، في ظل حكومة جديدة انتخبها الشعب لم تعكس طموحات ثوار “الياسمين”. استقبل الشعب التونسي هذه الذكرى وبعد سنتين من الثورة بالكثير من خيبة الأمل، بعد أن عجزت الحكومة الحالية عن إيجاد حلول لمشاكلهم الاجتماعية التي استمروا في طرحها خلال السنتين الماضيتين، وأكبر دليل على ذلك تواجدهم في الشاعر بعد انقضت كل هذه المدة وهم لا يزالون يطالبون بنفس الحقوق. مهد الثورة يرشق المرزوقي.. يمثل يوم 17 ديسمبر ذكرى مقدسة لدى الشعب التونسي، حين أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في جسده منذ سنتين، حين ثار من أجل الكرامة والمطالبة بالحقوق والتي كانت أول شعلة لانتفاضة الشعب التونسي من أجل الكرامة، غير أنه تحول إلى ذكرى للحساب لدى رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي بعد أن رشق بالحجارة في مهد الثورة التونسية، سيدي بوزيد، أثناء إشرافه على الاحتفال بالذكرى الثانية لاندلاع الثورة التونسية. فالشباب الذي ثار منذ سنتين ثار هذه المرة على الرئيس المؤقت وقال له لم يتغير شيء فأين وعودكم وبماذا تحتفلون، كما قطع مصطفى بن جعفر كلمته أمام المشاركين بعد أن بدأ محتجون برمي الحجارة، مما اضطر المسؤولين الحكوميين إلى مغادرة المنصة وإنهاء الاحتفالات التي كان من المقرر إقامتها في المكان الذي أحرق فيه محمد البوعزيزي البائع المتجول الذي أحرق نفسه، وهتف متظاهرون “الشعب يريد إسقاط الحكومة”، في أول مرة بعد رحيل بن علي. “شغل، حرية، كرامة وطنية” مازالت مطالب التونسيين لم ير الشعب التونسي استجابة للمطالب التي في احتجاجاته ورفعها السياسيون في حملتهم الانتخابية، حيث عرفت تونس احتجاجات في أغلب الولايات الداخلية وإضرابات عامة كانت قبل أشهر قطاعية تندد بتدهور القدرة الشرائية للتونسي وارتفاع كبير لأسعار المواد الاستهلاكية، اقتصاد متدهور، وهو ما أثار شغبا وعنفا، ثم رشا في سليانة أفقد عددا من المحتجين أعينهم، اعتداء على النقابيين في ذكرى وفاة الزعيم الرمز فرحات حشاد، وتخيم حالة من الغليان والاحتقان في صفوف التونسيين في كل أرجاء البلاد وخاصة أبناء الجهات المحرومة وهو ما يفسر الاحتجاجات والتحركات التي تشهدها الولايات والتي تعبر عن عدم تجاوب الحكومة مع مطالب الشعب التي رفعها وطرد باسمها الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وآخر الاحتجاجات تعرفها مدينة بنقردان جنوبتونس قرب الحدود مع ليبيا، تزامنا مع إحياء الذكرى الثانية للثورة التونسية، حيث حمل المتظاهرون شعارات ضد حزب النهضة الإسلامي الذي يقود الحكومة، حيث ندد المحتجون التونسيون بسوء الأوضاع المعيشية، أمام مركز الشرطة في المدينة الذي كانوا أحرقوه الخميس، وقذفوا عناصر الشرطة بالحجارة فرد هؤلاء بإطلاق الغاز المسيل للدموع، كما تجددت مواجهات أعنف مساء السبت، أدت إلى حرق مركز الشرطة من جديد، حيث صعد المحتجون من مظاهراتهم عقب تصريحات رئيس الوزراء حمادي الجبالي في غدامس حيث التقى نظيريه الليبي والجزائري، حيث قال إن الدولة تتفهم المطالب الاجتماعية وتحترم حرية التعبير، لكنها لن تتسامح مع المخربين ومهربي المخدرات والمعتدين على مقرات السيادة. انتقادات واسعة لأداء حكومة الجبالي بعد مرور سنتين مازالت الحكومة المؤقتة تتلقى انتقادات واسعة من الداخل والخارج بسبب السياسة التي تنتهجها ونسق عملها البطيء الذي تشوبه العديد من الخروقات، فحتى منظمات حقوق الإنسان وجهت لها انتقادات حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ترى أنها مازالت مستمرة وخاصة في السجون. كل الانتقادات تحمل المسؤولية للحكومة التي تترأسها حركة النهضة، ومن بين أهم الأحداث التي شككت في مصداقية النهضة الاعتداءات التي قامت بها ميليشيات تابعة لها على اجتماعات أحزاب بعينها دون غيرها، على غرار مع حدث مع حزب نداء التونسي الذي اتهم رئيسه السبسي النهضة بتدبيره اشتكاها على إثرها للمحكمة الجنائية الدولية، ضف إلى ذلك العديد من المشاكل التي لازالت تتخبط فيها تونس على غرار تهريب على الحدود، وخطر إرهابي خارجي وداخلي يهدّد أمن البلاد، وآخر تحركات الحكومة كانت اجتماعات لتنسيقية الترويكا من أجل التحوير الوزاري المرتقب. وبذلك تعيش تونس وضعا متأزما تلقي فيه المعارضة باللائمة على الحكومة، متهمة إياها بالمسؤولية عن الحالة التي وصلت إليها بسبب سياساتها الخاطئة. وفي المقابل اتهمت حكومة حمادي الجبالي بدورها الذين يقفون وراء الاحتجاجات والإضرابات التي اعتبرتها عائقا أمام مسار التنمية. وبين هذا الاتهام وذاك تبقى تونس على حالها إذ لم يتحسس المواطن أي تغيير، بل إن الخطر الأكبر الذي قد يعصف بالبلاد مستقبلا هو خوفه على أمنه المادي والغذائي. الدستور يثير فتنة قبل صدروه خرجت الأحزاب الإسلامية على غرار حزب التحرير في مظاهرات مطالبة بمراعاة أحكام الشريعة الإسلامية في الدستور التونسي الجاري إعداده، والذي لم يقع الحسم في أية ملفات بخصوصه حيث لم يحسم أمره بعد شأنه شأن القانون الانتخابي، وقانون الأحزاب الذي لا يزال في انتظار المصادقة على الدستور. كما أن الهيئات المستقلة من هيئة الإعلام والقضاء العدلي، ناهيك عن الهيئة المستقلة للانتخابات التي ورغم المصادقة على قانونها فلم يتم تشكيلها أو حتى قبول مطالب المترشحين إليها، بالإضافة إلى غياب تحديد موعد نهائي للانتخابات. وفي ذات الشأن قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها أنها لا تزال قلقة إزاء واقع الدستور التونسي، معتبرة أن العديد من فصول المسودة صيغت بطريقة مبهمة ودون تحديد ضمانات بشان بعض حقوق الانسان. وأضافت أنه خلال العام الماضي تم استهداف حرية التعبير وتعرضت حقوق المرأة للتهديد في تونس، ولذلك فانه من الأساسي أن يحمي الدستور الجديد هذه الحقوق بشكل كامل.وعبرت المنظمة في المقابل عن ارتياحها لسحب فصلين اثنين كان اقترحهما حزب النهضة الإسلامي الذي يرأس الحكومة. ويشير أحد المقترحين إلى التكامل بين المرأة والرجل بدلا من المساواة بينهما، في حين نص المقترح الثاني على تجريم المساس بالمقدسات. كما أشارت المنظمة أيضا إلى الالتباس في مجال حرية التعبير واستقلال القضاء والحق في المحاكمة العادلة وكذلك إلى تعريف فضفاض للتعذيب.