عاش الأديب الروسي الكبير، دويستوفسكي، بعقدة قتل الأب - ليس رمزيا وإنما مع سبق الكره والتمرّد - حيث كان والده سكيرا وسلبيا وفاجرا إلى درجة أنه كان يضاجع العاهرات أمام أبنائه الثلاثة ومنهم دويستوفسكي، الذي استثمر هذه التركيبة العائلة الشاذة في روايته ‘'الإخوة كارامازوف''. اعتقد دويستوفسكي أنه هو القاتل الفعلي لوالده، بسبب أنه حرّض شقيقه إيفان على فعل ذلك، فعاش بعقدة السؤال التالي: ‘'هل من يتمنى موت الأب، هو فعلا قاتله؟”. لا أدري لماذا استحضرت قصة دويستوفسكي مع والده اليوم - رغم ما يحمله هذا الاستحضار من نزعة ساديّة - لكني أردت أن أقول إن تأثير القطيعة بين أب ووالده (أدبيا أو سياسيا..) قد تصل - على رأي دويستوفسكي - إلى حدّ ‘'نيّة السوء''، وهنا لا بد أن أذكّر أن فعل القتل المقصود هنا، هو فعل رمزي عارٍ عن القُدرة. مصطلح ‘'قتل الأب'' في أرض مشرق الشمس أو في أرض مغربها، قد تحمل دلالاتها النقدية، لكنها في الجزائر، محاولة لقتل الابن في حد ذاته، وقد تدخل في سياق مقولة أدونيس ‘'يُولد الابن عند العرب أبًا''. من منطلق ذلك نتساءل، كيف هي العلاقة بين جيل الكتابة الأول في الجزائر وبين الأجيال اللاحقة؟.. هل هي علاقة أبوّة شرعية، أو حتى أبوّة شاعريّة، أم أن الأمر يدخل في خانة العائلة المفككة ؟.. هل يعترف الكتّاب الكبار في الجزائر بأبوّتهم للجيل الجديد؟.. هل يعترف الابن المبدع في الجزائر بنسبه إلى وطّار أو بوجدرة أو واسيني أو آل خليفة أو زهور ونيسي..؟ وهل يقرأ هؤلاء ‘'الكبار'' للخير شوار وسليم بوفنداسة وعبد الرزاق بوكبة وهاجر قويدري ونسيمة بوصلاح وزهرة ديك وعلاوة حاجي وسعيد حمودي ونصر الدين حديد وعلاوة كوسة ولميس سعيدي.. أم أنهم في نظرهم مجرد ‘'أولاد صغار ما يعرفوش صلاحهم''؟.. لا أريد أن أسقط هذه الأمثلة على الواقع السياسي، كي لا أصاب بالزهايمر في عز شبابي...