في سنة 1994 حاز جون ناش عالم الاقتصاد و الرياضي الشهير على جائزة نوبل للاقتصاد ، تقديرا لمجهوداته الكبيرة في تطوير نظرية ”الألعاب”، واكتشافه لمعادلة ”موازنة ناش”. نظرية ”الألعاب” كانت أحد أهم العوامل التي ساعدت على الإطاحة بالاتحاد السوفيتي، والتي مازالت تستخدم إلى الآن في الدراسات الإستراتيجية والتعاملات السياسية، الاقتصادية والمفاوضات .أذكر أني انبهرت بعبقرية النظرية عندما درستها لكنني وزملائي انبهرنا ب ”جون ناش” أكثر ونحن نسمع حكاية صغيرة عنه من أستاذنا. في أواخر التسعينات، بعد النجاح والانتشار الذي نالته النظرية في الأوساط العلمية، بعد دخولها مناهج التدريس في الكثير من جامعات العالم حصل أستاذي-الذي كان طالبا وقتها- صدفة على عنوان جون ناش منشورا في إحدى المجلات العلمية، فقرر دون أن يتأمل شيئا مراسلته ،كتب رسالة يعبر فيها عن إعجابه بالنظرية، وبانجازات العالم ومؤلفاته ثم نسي الأمر تماما .مر شهر ثم شهر أخر قبل انتهاء الشهر الثالث وصله طرد من أمريكا قال أستاذي: كادت تدب معركة بيني وبين ساعي البريد عبثا حاولت إقناعه: - ياو ماشي ديالي يا سي محمد افهم ما نعرف حتى واحد فالماريكان” أخيرا بعد أن بحّ صوتي استلمت الطرد ”بالسيف” وأنا غير مستوعب أنه يخصني حلفت مئة يمين أني لن أرده إن اكتشفت أن في الأمر خلط حتى لو طلب ذلك مني ذلك بقرار من مجلس الأمن”. كان المرسل ”جون ناش” شخصيا بعث رسالة يشكر فيها الطالب المجتهد على اهتمامه أرفقها ببعض مؤلفاته طبعا أنا لن استطيع أن اكتب لكم بريق عيون أستاذي وهو يتكلم عن الأمر، انه ”جون ناش” الذي هز العالم يا ناس. تذكرت هذه القصة منذ أيام وصديقة تخبرني عن تعرضها لموقف محرج مع روائي ”كبير” -غرورا- سألته عن حسابه على الفايسبوك قال : - أنا لا املك حسابا على الفايسبوك، ولا أريد أن افتح واحدا، الفايسبوك يجعلك تختلط بالعامة بكل الناس، إنه للجميع أنا من النخبة لا يجوز لي النزول إلى ذلك المستوى. هل تقاس قوة مجتمع بنخبته؟على أي أساس ينسب أحدهم نفسه إلى النخبة ؟إذا كانت النخبة لا تحتاج إلى العامة والناس العاديين لماذا تظن إذن أنهم بحاجتها؟ما الفرق بين ”جون ناش” وكاتبنا ”الكبير”؟ لماذا يتحمل عالم بحجم جون ناش عناء الرد على طالب بسيط يبعد عنه بقارات ؟ويرفض روائي لا يقرأه إلا معارفه وأصدقاؤه الإختلاط بالناس ولو افتراضيا. متأكدة أني سأجد ”جون ناش” –في سن 84- على الفايسبوك يمكنني أن أراهن أيضا انه سيضيفني ببساطة لو بعثت له طلب إضافة و ربما منحني ”لايك” أتباهى به أمامكم . حنان بوخلالة