جددت جمعية أصدقاء سكيكدة وجمعية إيكولوجيكا بسكيكدة، معارضتهما لمشروع وزارة الطاقة والمناجم إقامة منطقة صناعية بيتروكيماوية في ناحية قرباز بعزابة على مساحة إجمالية تقدر ب 600 هكتار. أوضحت الجمعيتان في بيان لهما - تلقت “الفجر” نسخة عنه - أن إنشاء منطقة بيتروكيماوية في هذا المكان يعد إضرارا بالحظيرة الوطنية لبن عزوز المصنفة عالميا بموجب اتفاقية رمسار الوطنية الخاصة بالبيئة، وأن تجسيد هذا المشروع سيلحق أضرارا خاصة بالبيئة، كما سيلحق كذلك أضرارا فادحة بالطبيعة وبالأراضي الفلاحية الشاسعة في كامل الجهة الشرقية للولاية. وترى الجمعيات أن المكان الطبيعي الملائم لإقامة هذه المنطقة هو فضاء المنطقة الصناعية البيتروكيماوية بالعربي بن مهيدي بسكيكدة، والتي مازالت تتوفر على مساحات كبيرة لوضع أي مشروع صناعي أو بيتروكيماوي إلى غاية بلدية فلفلة كلها، ما يحذف جهود الوزارة للتفكير في قرباز التي لا تصلح أصلا للصناعة، بما أنها منطقة للصيد البحري وتربية المائيات والرعي الواسع، فضلا عن كونها المركز الأول لإنتاج الطماطم الصناعية. قرار وزارة الطاقة بإنشاء في قرباز يبدو أنه غير مدروس بالكيفية الاقتصادية والصناعية اللازمة، وله أبعاد ذات مخاطر على البيئة والتركيبة الجيوفيزيائية والاجتماعية، وأصبح يتطلب - حسب عدة جهات - إعادة النظر، غير أن الاعتقاد السائد بالجمعيات المكلفة بالبيئة أن الإصغاء لهذا الاقتراح قد لا يلقى التجاوب بما أن الهيئات المركزية تعودت على التفرد بالقرارات المصيرية المتعلقة بالتنمية الاقتصادية و بالتسيير بصفة خاصة، وبروز هجرة ريفية ضخمة من كل ولايات الوطن تقريبا نحو مدينة سكيكدة، وكذلك من بلديات الولاية والولايات المجاورة، ما ترتب عن هظهور حاجيات كبرى في السكن والنقل والصحة في مدينة لم تكن أصلا مهيأة من كل الجوانب لاحتضان هذه الظواهر الغريبة عنها، وتدريجيا توقفت حركة تصدير الخضر و الفواكه والحوامض والزيتون والبطاطا إلى الخارج. وحدثت تراجعات قاتلة للإنتاج الخارجي فقدت الولاية ثلاث ركائز كبرى، كانت تعتمد عليها بشكل مطلق وهي الفلاحة والسياحة والصيد البحري. والواقع أن هدر الاراضي الفلاحية والبناء في مناطق زراعية ذات قدرات إنتاجية عالية مازال مستمرا ولم يتوقف، والدليل على ذلك إقامة جامعة بتعاونيات فلاحية متخصصة في إنتاج الحوامض كانت تصدر أجود أنواع البرتقال بكل أنواعه إلى أوروبا، في الوقت الذي كانت الأراضي متوفرة بشكل كاف في كل الجهة الشرقية لبلدية فلفلة الغير قابلة بتاتا للزراعة. ولم تنفع الأجزاء الخاصة بإنشاء لجان وزارية وطنية لمراقبة البناء في الأراضي الفلاحية ، ولم تلتفت لآراء واقتراحات الآخرين، لا سيما في حالة كهذه. والدليل في مثال المنطقة الصناعية البيتروكيماوية في سكيكدة، التي بعد أن كانت مفخرة الصناعة الوطنية، تحولت إلى ضيف ثقيل يتوجس منه الخوف ولو كان بيد السكان لتم ترحيله من منطقة العربي بن مهيدي. إقامة المنطقة قد يلقى معارضة دولية أيضا لقد تعالت في بداية السبعينيات أصوات من بعض المختصين الذين لهم دراية بمخاطر الصناعة البتروكيماوية، بضرورة تفادي بناء مصانع ذات تكنولوجيا غالية مازالت الجزائر غير مؤهلة علميا وتقنيا وصناعيا للتحكم فيها، إلا أن التفرد بالقرار آنذاك أنشأ مصانع بيتروكيماوية ذات تقنية عالمية داخل محيط كان برمته فلاحيا، إذ أكلت منطقة العربي من مهيدي أربع تعاونيات فلاحية تحتوي أجود الأراضي الخصبة وطنيا، ثم قضت نهائيا على الثروة السمكية في محيط سكيكدة كلها، وامتد التلوث والمياه الحاملة للمواد الكيماويبة التي تلقيها المصانع يوميا بكميات كبيرة إلى إبادة الثروة السمكية بكل الساحل إلى غاية بلدية المرسى شرق سكيكدة، كما تسببت في تخلي اليد العاملة المؤهلة من الناحية الفلاحية آنذاك عن خدمة الأراضي والتوجه إلى العمل في القاعدة البتروكيماوية. تجسيد قرار الوزارة بالبناء في قرباز قد يلقى كذلك المعارضة من الهيئات الدولية، بما أن الحظيرة محمية دوليا بموجب معاهدة رمسار. و قد يثير ردود فعل قد لا تكون في صالح قرار الوزارة إن لم يتم التخلي عنه والبحث عن مكان ملائم لإقامة هذا المشروع القابل للتجسيد في أي بقعة من الولاية، أو في جهة أخرى غير سكيكدة التي أصبح التلوث البيئي والدخان التصاعد من مصانع البيتروكيمياء بها يضر بصحة السكان المجاورين، و يؤثر بشكل مباشر على الزراعة.