يختلف تهجين السلالات النباتية عن إنتاج عضويات معدلة وراثيا أو ما يطلق عليه اسم ”أو جي أم”، خصوصا وأن التهجين يأخذ وقتا طويلا بالمقارنة مع استخدام تكنولوجيا إنتاج النباتات المعدلة وراثيا التي تمكن من تجميع العديد من الصفات المرغوبة بسرعة في نبات واحد في وقت أقصر مقارنة بالتهجين، بالإضافة إلى الحصول على أصناف نباتية عالية الجودة ومردود إنتاجي أكبر، إلا أن هذه الأخيرة تعرف جدلا واسعا في الدول المتقدمة نظرا للأضرار الصحية والبيئية الناجمة عنها، ما دفع بالعديد من الجمعيات للمناهضة ضدها، أما في الجزائر فلايزال السؤال هل دخلت ”أو جي أم” إلى الأطباق الجزائرية؟ مطروحا. أكدت دراسة قامت بها البروفيسور نادية يخلف، بجامعة منتوري بقسنطينة، من خلال أول ورشة عمل دولية حول كشف وتحليل الكائنات المعدلة وراثيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي جرت بالأردن في 2012، حيث أوضحت المصدر أن استيراد المواد المحتوية على العضويات المعدلة وراثيا يبقى واردا في ظل حاجة الوطن إلى تلبية الاحتياجات من خلال استيراد المواد الغذائية مع صعوبة تحقيق اكتفاء ذاتي في الغذاء هذا من جهة، ونقص مخابر مراقبة واختبار وجود عضويات المعدلة وراثيا في المواد المستوردة من جهة أخرى، مشيرة إلى أن المنطقة الزراعية بالجزائر تقدر ب 20،8 بالمائة في حين تقدر المنطقة الزراعية المستغلة ب 17 بالمائة وتستعمل 50،45 بالمائة من هذه الأخيرة لإنتاج المحاصيل الكبرى. في حين تتميز الجزائر بكثافة ديموغرافية قوية وإنتاج زراعي ضئيل وتتعرض لعوامل معرقلة كالجفاف والانجراف وغيرها ما يدفع إلى تعويض النقص عن طريق استيراد المواد الغذائية بصفة كبيرة. بينما تدور المناقشة في الدول المتقدمة حول أهمية استخدام النباتات المعدلة وراثيا في الإنتاج الزراعي الاقتصادي، نجد أن دول الجنوب النامية تتطلع إلى الاستفادة من تطبيق أي تكنولوجيا تؤدي إلى زيادة إنتاج الغذاء وخفض أسعاره. وعلى الرغم من هذه الاستفادة التي تنجر عن إنتاج المحاصيل المعدلة وراثيا بالنسبة للدول النامية من الناحية الاقتصادية، إلاأن تطبيقها يحتاج إلى استثمارات ضخمة تفتقر فيها الدول النامية إلى المقدرة العلمية وتطبيق قواعد الأمان الحيوي لتلك المحاصيل هذا من جهة، ومن جهة أخرى بما أنها لا تستطيع تحقيق اكتفائها الذاتي في الغذاء فإن لجوءها إلى الاستيراد يولد احتمالا كبيرا لدخول مواد غذائية معدلة وراثيا إلى سوقها ما يؤثرسلبا على الصحة والبيئة. ومن أجل تكنولوجية حيوية آمنة، أشارت يخلف أن الجزائر تملك ثروة جينية المستمدة من مختلف الأنواع البيولوجية التي تحتوي عليها بلادنا وعلى الجزائر الحفاظ على هذه التنوعات البيولوجية والتي ستمكننا من مسايرة تطورات التكنولوجيا البيولوجية والتي ستسمح بتطوير الميدان الفلاحي والزراعي من أجل ضمان الأمن الغذائي لأن استعمال التكنولوجية الحيوية من أجل تطوير الإنتاج الزراعي يضمن تلبية الاحتياجات المتزايدة للغذاء. بينما أوضح تقرير حول حالة ومستقبل البيئة 2005، أن الجزائر لها ثروات طبيعية في موارد وراثية التي تعتبر كمواد أولية من أجل استعمال التكنولوجيا الحيوية لكن جزءا منها قد ضاع وأخرى يتم المحافظة عليها واستغلالها من أجل استعمالها في تطوير عدة مجالات منها الزراعة التي ستسمح لنا باعتماد تكنولوجية حيوية تعمل على تثمين الموارد الجينية بالأخذ بعين الاعتبار معايير الأمن البيولوجي وكذا الخصائص السوسيوثقافية والسوسيواقتصادية. جزائريون يجهلون ماهية العضويات المعدلة وراثيا ارتأت ”الفجر” إجراء استطلاع بسيط في شوارع الجزائر العاصمة، لمعرفة آراء الأشخاص حول العضويات المعدلة وراثيا، وتبين أن أغلبية الناس لا يعرفون معناها، في حين هناك فئة قليلة تعرفها وتهتم كثيرا لهذه المسألة. في هذا السياق، قالت ”نعيمة. ت” إنها لم تسمع أبدا بالعضويات المعدلة وراثيا وهذه أول مرة تسمع فيها هذه الكلمة. ومن جانبه تساءل ”جمال. ر”: ”هل الوراثة توجد أيضا في النباتات كنت أظنها تخص الإنسان فقط، وأضاف قائلا: ”لم أسمع بهذه العضويات المعدلة وراثيا أبدا”، نفس الشيء بالنسبة ل ”حسيبة. خ” التي قالت ”حقيقة لا أعرف عنها أي شيء و شكرا على المعلومة، سأبحث عن هذا الأمر لاحقا”، بينما أوضح ”خالد. د” صاحب محل بيع مواد غذائية أنه لا يعرف معناها ولم يسمع بها قط”. ومن جهة أخرى أشارت ”وسيلة. ن” أن العضويات المعدلة وراثيا لها عواقب خطيرة على صحة الإنسان والمأكولات الطبيعية، ”بيو” لقيت صدى واسعا في أوروبا، وقالت إنها تحاول أن تسخر مكانا في منزلها من أجل زراعة بعض المحاصيل التي قالت إنها لا تغطي كامل الاحتياجات إلا أنها تجعلها تستمتع بأكل ما غرست يداها”. وأكد ”سمير. غ” أنه يتابع كل ما يتعلق بصحة الإنسان وأن الغذاء المتوازن والسليم أهم شيء، موضحا أن العضويات المعدلة وراثيا تثير جدلا كبيرا بين المنتجين والوكالات الصحية في الدول المتقدمة، وأضاف قائلا ”أنا أخشى كثيرا من استيرادها، في الحقيقة أنا وعند اقتنائي لكل احتياجاتي الغذائية أقوم بتجنب كل الخضروات والفواكه التي تظهر اختلافا عن الشكل الطبيعي لها سواء من حيث اللون أو الحجم. إعداد:ليدية أكسيل لمعهد الوطني للمحاصيل الحقلية الواسعة بالجزائر: ”إنتاج ”أو جي أم” يختلف تماما عن تهجين السلالات النباتية” أكدت، دويسي آسيا، مهندسة دولة في العلوم الزراعية ورئيسة قسم الحفظ والتصديق، أنه يتم تهجين أصناف محلية مع عدة أصناف محسنة من أجل إنتاج صنف جديد محسن ويتماشى مع الظروف البيئية وكذا من أجل الحصول على سلالات نقية. حيث يقوم المعهد الوطني للمحاصيل الحقلية الواسعة بتحسين السلالات المحلية من حبوب وبقوليات جافة وأعلاف ونباتات زيتية عن طريق دمج سلالتين، سلالة محلية مع سلالة خارجية محسنة بحيث يتم تعديل نمطها الوراثي والشكلي وهذا ما يعطي تنوعات جينية جديدة فمثلا قام المعهد بتهجين نوع من الحبوب من سلالة نباتية محلية تسمى ”هذبة 3”مع سلالة إيطالية تسمى ”جيراردوا” ما أعطى سلالة محسنة تدعى ”سيرتا” وتتم هذه العملية عن طريق التكنولوجية الفلاحية الحديثة. كما يقوم المعهد بتكثيف السلالات وهذه الأمور ليست متعلقة بتاتا بإنتاج عضويات معدلة وراثيا بالتكنولوجيا الحيوية لأن مفهوم هذه الأخيرة يتم بتعديل الصفات الجينية عن طريق إدخال معلومات وراثية جديدة أو تغيير بعض المعلومات الموجودة أصلا، وهذا الأمر يختلف تماما عن مسألة التهجين التي تهدف عبر التزاوج الطبيعي إلى توليد كائنات لها صفات مرغوبة. موضحة أن المعهد يعتمد على التكنولوجيا الحيوية من أجل تسريع عملية الحصول على المردودية والنوعية من خلال التعرف على الجينات المحتوية على الأمراض وغيرها من الأشياء. من جهتها، أوضحت مداني منيسة، رئيسة قسم الصفات التكنولوجية للحبوب، أن المعهد يعمل على تحسين الإنتاج من حيث المردودية والنوعية من خلال إجراء عدة عمليات مخبرية من أجل تكوين سلالات مقاومة للأمراض وكذا للجفاف، ناهيك عن مختلف النشاطات الأخرى المتعلقة بالزراعة وتطوير الإنتاج. الدكتور بن عمار ل ”الفجر”: ””أو جي أم” تهدد الإنسان بالسرطان” أكد الدكتور بن عمار ل”الفجر”، أن الكائنات المعدلة وراثيا أو” أو جي أم” عبارة عن تعديل ال ”أ دي أن” الخاص بالكائنات الحية، مضيفا أن الكثير منا يفكر في التعديلات الوراثية التي مست عدة أنواع نباتية كنبات الذرة مثلا، حيث تساهم هذه المواد سواء كانت على شكل بذور أو غذاء في شكله النهائي، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تدهور صحة الإنسان وتؤدي إلى عدة أمراض وكذا سرطانات تهدد مستهلكها. وأضاف الدكتور بن عمار أن هناك عدة جمعيات صحية في الدول المتطورة تناهض من أجل منع إنتاج واستهلاك هذه المواد الغذائية المحورة وراثيا وقد باشرت هذه الجمعيات نشاطها قبل منظمة الصحة العالمية ولا يزال الحديث حول أضرار هذه النباتات محل جدل بين المنتجين والوكالات الصحية. ومن جهتها أكدت الأبحاث الطبية خطورة تناول الأغذية التي تدخل فيها عناصر معدلة وراثياً على الجهاز المناعي وفور إعلان نتائج هذه الأبحاث طالب 20 باحثا بالهيئات الصحية العالمية بإعادة النظر فيها، خاصة بعد أن تمت تبرئة البروفيسور ”بورتاي” الأستاذ بجامعة كمبروج بإنجلترا، من تهمة إعلان لنتائج أبحاث علمية أثارت ضجة في الأوساط الطبية البريطانية، الذي كشف أن تناول الفئران لبطاطا معدلة وراثيا لمدة عشرة أيام أصابها بضعف في الجهاز المناعي وتلف في الأعضاء الداخلية، وعرضها للإصابة بالسرطان، ويمكن إسقاط هذه الدراسة على الإنسان. مختصة في الإيكولوجيا النباتية توضح: ”النباتات المعدلة وراثيا خطر على التوازن الطبيعي للبيئة” أكدت، وسيلة أكسيل، مهندسة دولة في البيولوجيا فرع الإيكولوجيا النباتية، أن خطر النباتات المعدلة وراثيا يمكن في تهديد التوازن الطبيعي للبيئة فمثلا إذا تم تعديل نبتة مقاومة للمبيدات فسوف تكون أقوى من النباتات الموجودة أصلا في الطبيعة وبذلك ستنافسها في المكان وفي متطلبات النمو ثم تنشأ وتنافس النباتية البرية وتصبح سائدة، كما أنها يمكن أن تنقل جيناتها أفقيا لكائنات أخرى إضافة إلى احتمال انتقال سمومها إلى كائنات حية غير مستهدفة ما قد يسبب انقراض بعض الأصناف الحساسة. وأضافت أكسيل أن السعي لتوفير احتياجات الإنسان للغذاء تم القضاء على كثير من الأوساط البيئية، وتم استبدال نباتاتها البرية بعدد محدود من الأنواع النباتية المرغوبة مثل القمح، الذرة، الأرز والبطاطا. والقضاء على الغطاء النباتي يعني القضاء على مصادر الغذاء بالنسبة للحيوانات وهو ما يسبب اختفاء الكثير منها. وأكدت أن التنوع البيولوجي سواء كان نباتيا أو حيوانيا أو ميكروعضويا سيمكن من الاحتفاظ بالأصناف المتعددة للكائنات الحية وسيسمح بامتلاك ثروة حيوية تمكننا من تطوير مجالات عديدة كالزراعة والطب. المهندسة الزراعية ”أوعابد فلة” ل ”الفجر”: ””أو جي أم” عبارة عن تغيير الجينات عن طريق التكنولوجيا الحيوية” العضويات المعدلة وراثيا أو”أو جي أم” عبارة عن تغيير يمس الكائنات حية التي يتم تعديل مادتها الوراثية بواسطة الهندسة الوراثية لتصبح أكثر تطورا وتلبية لحاجات البشرية. وفي السياق، أوضحت فلة أوعابد، مهندسة في العلوم الزراعية، أنها كائنات تم تغيير جيناتها عن طريق التكنولوجية الحيوية الحديثة، أين يتم نقل جينات منتقاة من جسم معين إلى جسم آخر من نفس النوع أو من وإلى أجسام من أنواع مختلفة مما يمنحه جينات معدّلة أو جديدة حسب الطلب، مشيرة أنه يختلف تماما عن التهجين التقليدي الذي يتم بدمج سلالتين وإحداث تغيير على المستوى الوراثي وعلى المستوى الظاهري من أجل الحصول على سلالة محسنة والذي يأخذ وقتا طويلا، بالإضافة إلى أنه توجد صفات مرغوبة لا يمكن إيجادها في بعض الأنواع وعلى عكس ذلك، فاستخدام تكنولوجيا إنتاج النباتات المعدلة وراثيا تمكن مربي النباتات من تجميع العديد من الصفات المرغوبة في نبات واحد وتتميز تلك الطريقة بالوصول إلى الهدف المرغوب في وقت قصير مع الحصول على أصناف نباتية عالية الجودة. ”أو جي أم” ينتج سلالات مغايرة للأنواع المألوفة أضافت محدثتنا أن العلم تطور في هذا المجال ومرّ بمراحل متعدّدة إلى أن وصل إلى التحسين الوراثي بكلّ أشكاله ليخدم العديد من المجالات ففي الزراعة يتعلق الأمر بتحسين الخصائص الزراعية لمقاومة الفيروسات أو البكتيريا أو الفطريات أو الحشرات الضارة، وكذا تقليص كميات المواد الكيميائية وبالتالي تقليص كلفة الإنتاج، بالإضافة إلى تحسين إمكانيات تصبير الفواكه وأيضا قطف الغلال في وقت مبكر، ويتمثل الهدف العام من هذه العملية مضاعفة المردود الاقتصادي من حيث الإنتاجية العالية للمحصول وخفض التكاليف الزراعية وكذا زيادة الأرباح. وذكرت أوعابد مثالا أن نبتة الذرة تهاجم من قبل حشرة قد تهلك المحصول كاملا وبالتالي نوعية محسنة من هذه النبتة تحتوي على مضادات لهذه الحشرة لضمان عدم مهاجمتها وبالتالي سلامة المحصول وهناك شكل آخر من ”أو جي أم” يعتمد على إنتاج سلالات مغايرة للأنواع المألوفة في الطبيعة كإنتاج البطيخ بدون بذر إلا أن لها أعراض خاصة على البيئة والصحة.